عثمان ميرغني يكتب
إنفصال شرق السودان
بأسهل من شرب كوب من القهوة يمكن لأي قائد سياسي أو زعيم أهلي في شرق السودان أن يهدد بانفصال الإقليم عن الوطن الأم، فالقول أو حتى الفعل لم يعد يعني شيئاً حتى ولو كان تهديداً للأمن القومي السوداني وفي أعز ما نملك وهو وحدة البلاد..
وبصراحة المشكلة ليست في انفصال أي من أقاليم السودان، بل في سهولة استخدام هذا التهديد في سوق السياسة.. فالنغمة لم تعد حكراً لإقليم بعينه، كل أقاليم السودان تهدد كل السودان بالانفصال وكأني بها حفلة انتحار جماعي.. بلا أدنى تكلفة أومخاطرة لمن يستدعي هذا التهديد في خطابه السياسي..
يصبح السؤال الأهم، من يستخدمون ورقة الانفصال، هل يمثلون أهل الإقليم – أي إقليم في السودان- أم يمثلون أنفسهم والتنظيم الأهلي أو الحزب السياسي الذي يحوزون على مقاعد قيادته؟
عندما يقول زعيم سياسي أو أهلي في شرق السودان أن الانفصال بات قاب قوسين أو أدنى، هل يعبر عن رغبة أهل الإقليم؟ هل استنطقهم ؟ هل اجتهد في قراءة خارطة مصالح أهل الإقليم؟
وعندما يقول قائد عسكري وسياسي أنه وما لم يتم الإعلان عن شعار سياسي بعينه والإقرار به – مثلاً مطالبة الحلو بفصل الدين عن الدولة- فإن إقليمه الذي يمثله سيعلن الانفصال، هل فعلاً تلك مطالب أهل الإقليم ؟ هل أجريت دراسة خلصت أن سكان الإقليم متفقون حول هذا الشرط الجزائي؟
في تقديري أن دعوات الانفصال التي تزدهي بها المؤتمرات الصحفية لا تعبر عن سكان أي إقليم في السودان، لكنها صورة صادقة للاستغلال السياسي لقضايا مصيرية في سياق التنافس الذي لا علاقة لمصالح الوطن أو المواطن به..
وعلى هذا الفهم .. أرى أن الوقت الآن أكثر من حرج ومُلِح لتشكيل تيار سوداني خالص ينبري للدفاع عن المصلحة العليا للبلاد لا بمنطق القوة والعضل بل بمنطق تعظيم المصالح وتعضيد الشراكة في هموم الوطن والمواطن..
صدقوني هذا هو المسار الأرجح والأكثر فاعلية وأقل تكلفة.. فما يربط بين السودانيين ليس مجرد العاطفة النبيلة، بل والمصالح المباشرة التي تجعل المحافظة على وطن واحد كبير وقوى أغلى ما يمكن لأي مواطن أن يكسبه.. لماذا إن كان بإمكاني أن أملك السودان كله، أن أسعى لتقطيع أوصاله لأحوز على قطعة صغيرة منه؟
يا شعب السودان: العدو أمامكم والبحر خلفكم..ولا توجد منطقة وسطى بين الجنة والنار..
قبل أن تبكوا كالنساء على وطن لم تحافظوا عليه كالرجال..
مع الاعتذار لكل النساء..