✍️✍️✍️✍️✍️✍️✍️
*أبوفاطمة أحمد أونور*
*بلدياتنا تيوتاي (الفحل) كان رجل مزواج أتم نصف دينه منذ صباه ثم ما لبث أن أكمل المربع النكاحي في بواكير شبابه، وله سوابق درامية في العيش المرفه بإستثماره للخلافات البينية لزوجاته ال4، محافظا علي إتقاد شعلة الضرة بينهن، حكما ومصلحا في ثياب الواعظين في الظاهر، وإبليس ممسك بخيوط الفتن في الباطن !!! وكلما تقدمت إحداهن بطلبات لا تعجبه، يشارطها بحتمية إقناع بقية ضراتها، بأن يتخلين عن المطالبة بالمثل وقد سبقها بتحريضهن لرفض أي إستثناءات فردية !! وكان يتحجج دوما بمبدأ العدالة بينهن. وقد كان فاكهة أسمار البلدة ومفتي ديار المعددين. وذات يوم أصبح حزين ومتمحن كغير العادة، وعندما سئل ما به !؟ أجاب : أن زوجاته ال4 قمن بإنقلاب عليه، بعد ان إكتشفن ثعلبية معيشته بينهن بسياسة فرق تسد، فتخلين عن خصومة الضرات، وصرن يتعاملن كصديقات حميمات، ولم يعدن يتسابقن في تلبية رغباته ولا يتخاصمن لإستجابة نزواته، ولا سبيل له بعد اليوم ليضرب بعضهن ببعض !!*
*الشاهد في الحكاية أعلاه، أن وصفة – فرق تسد – للبعل تيوتاي ظل يمارسها حرفيا المؤتمر الوطني، علي مختلف الأحزاب السياسية، فكان بمجرد دخول أي تنظيم في عصمته الحكومية يمسي متشظيا الي4 ضرات متناحرة، بدءا بفرع فلان، & جناح علان،& ريشة فرتكان،& شعرة زغللان !! بحيث يدور كل منهم في فلك الحزب الحاكم أكثر من إرتباطه برفاق نضاله، وقد كان النموذج الأبرز لجرثومة فرق تسد، مع تنظيمات جبهة الشرق الموقعة علي اتفاقية أسمرا، اكتوبر – 2006م، والتي تشظت بين الثلاثي : الريس موسي & د. مبروك & د. آمنة ضرار، وكلما طالب أحدهم بتنفيذ بند من الاتفاقية ، يؤتي له من فتاوي الشيخ تيوتاي لزوجاته بأنه: مطلوب إجماع بقية الفرقاء ، من باب العدالة !! ، ثم تكرر نفس السيناريو بعد الثورة، حيث تم تفجير الأمن الأهلي في الشرق بشكل ممنهج، عبر ذوبعة المسار، ثم باتت الفهلوة أكثر وضوحا بعد انقلاب 25/اكتوبر، فكلما طالبت أي من منظومات الشرق بأبسط الإستحقاقات، يقال لها : ينبغي جمع فرقائكم !!.*
*ومثلما قيل عن الفراسة: – (البعر يدل علي البعير، والأثر علي المسير) – وعليه: فإن تطابق البصمات الميدانية وتشابه الوصفات السياسية ما قبل وما بعد الثورة يدل تماما علي أن طبخة – فرق تسد- الجارية تأتي من نفس التكل الانقاذي المسيطر علي مختلف مجريات الأوضاع في البلاد، فضلا علي أن مبدا إشتراط الإجماع الأهلي بين فرقاء السياسة في الشرق يعتبر في حد ذاته شرط تعجيزي، لا ولم يتوفر لأي منظومة حاكمة أو معارضة، وبالطبع علي رأسها الانقاذ التي لم تأت ولو ب1٪ من رضي منظوماتها الأهلية والجهوية، وإنما فقط بزندية الأمر الواقع. وكما جن جنون الفتان تيوتاي بعد إنكشاف مكائده، أيضا كاد أن يجن جنون (الطرف المفتن !!)، بسبب إفاقة المجتمع الشرقاوي من سكرات الآيس القبلي وإبطاله لسمية كل أنواع الجرعات المدسوسة، فأصبح أكثر وعيا، متعظا بما جري ومكتشفا بأن الخلافات السياسية منوطة فقط بالتنظيمات الحزبية، وليس بالقبائل المعنية بالوشائج الأهلية والروابط الإنسانية، وعليه فإن إصرار الحكومة علي التعامل مع الادارات الأهلية كواجهات سياسية تنوب عن الشرق لن يزيدها إلا بعدا ومقتا من القوي الحديثة والفاعلة، صاحبة جل الحاضر وكل المستقبل، وهذا الإقصاء سيضع الحكومة في مواجهة حتمية مع القوي الوطنية الحية، لأن التنميط الأهلي والاصرار عليه يكشف عن نوايا خبيثة للتهرب من أي إلتزام وطني وإستحقاق سياسي عادل، يؤدي للتنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية لأن الإدارات الأهلية آخر من يعتد بهكذا محاور وطنية بناءة، ولذلك فان استمرار هذا الإختلال سيؤدي لتفاقم الأوضاع في الشرق بشكل كارثي مما عليه البلاد اليوم، وهذه بديهية إستراتيجية وتاريخية محسومة النتائج عندما تعمل سلطة ما داخل حاضنة ساخطة ومستفزة في كرامتها، ومهمشة في عقر ديارها، أسند مصيرها لأوهن منظوماتها التقليدية إمعانا في الإضعاف وتماديا في الإذلال، ورغم فاقتها مستنزفة الموارد والإيرادات لصالح إتفاقية جوبا المعنية بأقصي غرب البلاد،، ومع ذلك ظل الشرق يتصبر رابطا علي جراحه وأوجاعه، بالطبع ليس إستسلاما ولا إقتناعا بمأساوية الوضع الراهن، وأنما لأنه الملاذ الآمن للشعب المنكوب والمكلوم، وهو ما ظلت تقدره حتي الحركات الشرقاوية المسلحة الكامنة في الحدود الشرقية، والتي رغم اختلافنا معها في مبدأ التسليح لخطورته علي وحدة البلاد، إلا أن الحكومة هي من أرادت هذا النهج، وظلت ولا زالت تكرس لهكذا تشظي دون أن تأبه بالعواقب الوخيمة، ولكن متي ما إنفجر الشرق فعلي السودان السلام !!*
*اللهم بلغت فأشهد*