محمدادريس
=عندما خرجنا من بورتسودان عقب صلاة الفجر كانت مولدات الكهرباء تهدر باصواتها العالية لتعبر عن صيف ملتهب ومعاناة تعيشهاالعاصمةالإدارية،ويعتادالناس علي أن الكهرباء يمكن ان تقطع في اي وقت منتصف الليل أو الساعات الأولي من الصباح لافرق،وقد كيفوا أنفسهم علي ذلك،وتبدوالحكومة كمن تعمل بايقاع بطيء في إكمال محطة كلانييب للتوليد الحراري التي ظلت”محلك سر “منذ أربعة سنوات،حيث كانت قاب قوسين أو أدني من الافتتاح في عهد معتز موسي رئيس الوزراء آنذاك ليجيء عهد التيه والضياع ويوقف الإعمار ويشعل الدمار..!
=خرجناووجهتنا القضارف الصامدة في وجه التمرد،بصحبة المك متوكل حسن دكين سليل ودمادا الذي فوج إلي الخطوط الامامية قبل أيام كتيبة” أسود قضروف سعد “قوامها ٦٠٠ مقاتل يتقنون إستخدام الأسلحة الثقيلةوالمسيرات،كيف لاوهوالذي صنع تاريخ جديد للإدارة الأهلية الشابة باعادته لصرح مكوكية البوادرة ذلك الإرث التاريخي العتيق لقوم شرفاء وكرماء وفرسان تاريخهم ضارب في عمق التحالف التاريخي بين عبدالله جماع وعمارة دنقس وقاده الشيخ عجيب المانجلك الحليف الرئيسي للبوادرة لاسقاط مملكة علوةالمسيحية.. إنهم رمانة النسيج الاجتماعي بالسودان لن تجدهم ضالعين في فتنة أو خطاب كراهية أو عداوات،إنهم يهرعون لإصلاح ذات البين واخماد الفتن فهم أهل سجادة وخلاوي القرآن الكريم.
=خرجنا من العاصمة الإدارية وهي بعد لم تصحو من سخونة حرارتها، وسخونة أحداث ليلتها الماضية،القاعدة الروسية علي شواطئ البحر الأحمر ذو القيمة الاستراتيجية الكبري في العلاقات الدولية،وتقدم الجيش والاجهزة المساندة والقوات المشتركة في محاور الفاشر ابوزكريا “أداب العاصي “وماتخمض في مجلس الأمن بخصوص مايسمى بالمشروع البريطاني حول فك الحصار عن الفاشر،فهاهو الحصار يفك عنوة واقتدار.. ولتدخر بريطانيا قراراتها الكذوبة التي تستخدمها كأدوات تجميل لإزالة قبح تواطها مع التمرد والداعمين له،والشعب السوداني لن يشتري مثل هذا العفن ولن يشتري النجاسة والقذارة والفتن..؟!
=خرجنا وحركة العمران تلف أرجاء ثغر البلاد ففي طي المحن تكمن المنح وتزدهر منطقة الشاحنات والمستوعات والكيلو وتشمخ المباني الجديدة،ورغم إرتفاع درجات الحرارة وشح المياه وغلاء الإيجارات يقصدها الكثيرون للعمل والدراسة وقضاء حوائج متعددة،وأنت تعبر إلي سنكات يعتدل الطقس ويخفت ضجيج العاصمة الإدارية المؤقتة،ونلج رويدا رويدا سلاسل العقبة التي تحتاج إلي إعادة رصف وإنشاء مراكزأمنية وشرطية لإنقاذ حياة العابرين من الحوداث التي تتكرر بين الفينة والآخري..!
=وما أن تركنا مدينةهياخلفنا تضج بالعابرين إلي مدنهم وقراهم شمالا وشرقا كمحطةوسطي..حتي تفتقت أزهار الشعر والدوبيت والمسادير فروح ابوامنة حامد تحلق هنا”سال من شعرها الذهب “”بين الريد والهوي “وشوشني العبير””ومانسيناك” “ونحن ماناسك “”ورجع البلد”والعديد من الروائع الأخري التي غناها عمالقة الفن السوداني،ومع عبق المكان والبيئة والبادية التي تمرح فيها الإبل،المك متوكل يرتدي لامة الشعر ويبتدر برباعيات لميرغني الكردوسي ثم يعقبها بمسادير ودوبيت عن قيم أهل البطانة ووصفهم للصيد والخريف وترحالهم بين أودية ستيت ومنابع النيل وتخوم إريتريا واثيوبيا…!
=وحكي كثيرومجادعات كثيرة، طوت المسافات طي من درديب وحتي أروما بين الحالة الوجدانية المرتبطة بالترحال والابل والمطر و والظباء والقنيص وبين سهول النيل الأزرق وخيران البطانة “المطيرة” حتي أشرقت كسلا الوريفة الشاربة من الطيبة ديمة،وعند محطة “فرافيشو” تستريح راحلتنا الفارهة نتناول الإفطار والغداءوجمع الصلوات في ذلك الصرح الخدمي والسياحي”مندي اللامباب “لاخينا المكافح عثمان عبدالله الذي لايحتاج مني لترويج فمذاق اطباقه خير مروج لمشروعه الناجح مثل بقية المشاريع في الولايات الآمنة التي تعبر عن الوجه المشرق “للنزوح المنتج”وفي كل ابتلاء ارتقاء..!
=ونصل القضارف بعد مسير طويل لنصف يوم في طريق شاق ووعر، وتستقبلنا بخيل تحجل في دائرة الارتكازات وشباب باسل يحرس المداخل والمخارج وجنود الحركات يزرعون جبالها بنقاط التأمين،ومجتمع مترابط ينحر قربانه اليوم في الخطوط الامامية مع قواته المسلحة ويسطر بأحرف من ثبات حكايات وسرديات ستروي لاحقا عن معركة الكرامة ..!