– إبراهيم شقلاوي.
تعرف مشروعات حصاد المياه في السودان بأنها تلك السدود الصغيرة الحجم والحفائر والآبار الجوفية المنتشرة على مستوى جميع الولايات السودانية.. بغرض الإستفادة من الأمطار الموسمية والمخزون الجوفي في توفير المياه لسكان الريف خلال فترات الصيف الممتدة .. حيث تعد تقنية حصاد المياه من أنجع وسائل التحكم فى مياه الأودية والخيران الموسمية.. حيث أن الهدف الأساسي منها تقليل معاناة السكان في الوصول إلى مصادر المياه.. بجانب المساهمة في الاستقرار وتنمية الريف اقتصاديا واجتماعيا بتخفيف حدة الفقر وتنمية الموارد البشرية.. وتحسين الإنتاج الزراعي الحيواني بالإضافة للمحافظة على البيئة.
ياتي خريف هذا العام ولم تخضع أي من مشروعات حصاد المياه في بلادنا للصيانة السنوية التي تسبق الخريف والتي تحافظ على استدامتها .. وذلك لأسباب متعددة منها الحرب المنتشرة في عدد من المناطق التي بها هذه المشروعات الي جانب عدم توفير التمويل المحلي أو تمويل المنظمات الإقليمية والدولية التي ظلت تساهم بصورة سنوية في تمويل إنشاء هذه المشروعات وصيانتها والمحافظة عليها بغرض إعانة السكان المحليين على استتباب الأمن والسلام وخفض التوتر المتعلق بالصراع حول المياه والمرعى.
هذا الواقع الصعب ينبي بكوارث عظيمة في حال زيادة معدلات تساقط الأمطار السنوية في هذا الموسم.. إذ أن هذه المشروعات المتمثلة في السدود الصغيرة و الحفائر قد صممت بسعات محددة لاستقبال تدفقات مياه الخريف الموسمية عبر الأودية والخيران.. حيث ظلت تخضع للصيانة والنظافة السنوية للأعشاب والأشجار التي تساهم في حدوث بعض التصدعات في جدار هذه السدود.. الي جانب عوامل التعرية الأخرى.. والتي جزء منها استخدامات الإنسان للتربة المحيطة بهذه السدود التي ينتج عنها تجريف بأعماق مختلفة قد يؤدي إلى انهيارات كلية أو جزئية في جدار هذه المنشئات..
لذلك تكتسب الصيانة الوقائية الدورية لهذه المشروعات أهمية بالغة للمحافظة على البناء الهيكلي لها.. إذ أن هذه الصيانة ظلت مؤجلة للعام الثاني على التوالي جراء الحرب وعدم استتباب الأمن وتوفر التمويل .. حيث كانت تسبق الخريف لحماية هذه السدود و الحفائر
لإعدادها لاستقبال مياه الأمطار الموسمية.. التي تشير التوقعات أنها هذا العام ربما تتجاوز المعدلات الطبيعية المتعارف عليها .. جراء التغيرات المناخية حيث أن هناك حديث حسب الاخبار عن التنبؤات الجوية عن استقرار الفاصل المداري شمالا حتى شمال وادي حلفا مما يعني أن السودان جميعه يقع تحت الحزام المطري خلال خريف هذا العام.
حيث من المتوقع أمطار تتجاوز كل المعدلات المسجلة في السجلات خلال الأعوام 1946وعام 1988.. كذلك هناك توقعات سيول جارفة وأعاصير مناخية تتجاوز المعدلات الطبيعية..فهذا الأمر من الأهمية أن يؤخذ في الاعتبار إذ انه يمثل جانب مهم من التنبؤات التي تمكن متخذ القرار من تفعيل التدابير اللازمة لتفادي أي نتائج كارثية محتملة.
هذا يجعلنا نلفت عناية جهات الاختصاص في وزارة الرى السودانية وأزرعها وحدة تنفيذ السدود والمياه الجوفية وأعمال الرى و الحفريات وبقية الوحدات المختصة بأهمية تكوين فرق عمل للطوارئ والتدخل السريع حتى يتم تفادي أي كارثة محتملة جراء امتلاء هذه المواعين بالزيادة عن سعاتها التخزينية أو بالزيادة عن المعدلات الموسمية والتي ربما تصبح بعد ذلك.. مهددا للسكان المحليين بالفيضانات الكارثية خصوصا الذين يسكنون في المناطق المحيطة أو المتاخمة لهذه السدود أو الحفائر.
كذلك نؤكد على أهمية المسارعة بتوفير الدعم اللازم و تجهيز آليات العمل و رصد الميزانيات اللازمة لتمكين جهات الاختصاص من القيام بمسؤولياتها.. كذلك على وزارة المالية الاتحادية والوزارات الولائية وكافة المنظمات الاقليمية والدولية التي تعمل في المجال رصد وتوفير الأموال الكافية لتفادي كارثة محتملة جراء تأخر هذه الصيانات المهمة و الملزمة.. والتي من الضرورة أن تبدأ الآن قبل الغد وأن تبدأ كذلك التدابير الوقائية اللازمة في جانب الكادر البشري قبل وقع الكارثة المادية و الإنسانية.
دمتم بخير وعافية..
29يوليو2024م Shglawi55@gmail.com