– إبراهيم شقلاوي.
بالرغم من أن جميع الشواهد كانت تؤكد على أن الحرب واقعة لامحال إلا أن الجميع كان متفرجا كأنما الأمر لا يعنية.. منهم من توعد ومنهم من أعد ومنهم ومن قبض الثمن.. إلا الشعب كان آخر من يعلم ولا يعرف أين يضع ثقته.. الجميع مجرمون في حق الوطن والشعب بدرجات متفاوتة.. مثلما الضرر و الانتهاكات الواسعة المرتكبة بواسطة قوات الدعم السريع المتمردة قد أصابت الناس أيضا بدرجات متفاوتة.. لذلك آن الأوان لنقول لكم مقترحنا في الحل دون أن يعطي أي منكم لنفسه تفويض يمضي بنا بموجبه إلى غير أفق.. ولا رؤية.. آن الأوان أن نقول لكم كلمتنا.. إذا سمعتموها أثابكم الله وزادكم سعة ربما تخرجكم من سؤال الله والتاريخ.. وأن لم تسمعوها نقولها أيضا للتاريخ والوعي والناس.. نبدأ أولا بأسئلة جوهرية.. لأجل الوصول للخلاصات.. ثم نقترح الحلول اللازمة وصولا للأمن والسلام .. هناك عدة أسباب أدت الي قيام الحرب و استمرارها.. بينها الأطماع الاقليمية التي خططت لإنقلاب عسكري خاطف يمكنها من البلاد عبر عدد من القيادات السياسية التي بدأت باستغلال بندقية قوات الدعم السريع.. بينها كذلك عدم التوافق السياسي ومصادرة حقوق الإسلاميين في الدفاع عن أنفسهم وإعداد المقاصل لهم في الخفاء للتخلص منهم.. بينها كذلك عدم الوعي السياسي بالظروف الأمنية والاقتصادية والاجتماعية للبلد.. بينها مصادرة رأي السودانيين والحديث باسمهم دون تفويض.. كل ذلك وغيره.. جعل الشعب على هامش المعادلة السياسية معادلة الحكم البائسة ..حتي الذين كان يستعان بهم لتحريك الشارع و خلق الظروف الذاتية والموضوعية للاستيلاء على الحكم كان معظمهم مغيبين لايفهمون طبيعة ما يعد .. هذا الواقع المأزوم فرض علينا وعلى بلادنا حرب لم نكن جاهزين لخوضها معكم أيها الجمع الكريم.. أيها السياسيون.. لم نختار الذهاب لها معكم.. ربما يأتي من يقول أنها سنة التدافع.. إن كانت سنة التدافع لأعددتم لها عدتها.. أثبتت هذه الحرب أننا بلا أصدقاء والمؤشر واضح فإن هناك كثير من العابثين بأمننا الداخلي وامننا القومي أعطت لهم الفرصة كاملة دون رادع.. فاضعفوا عملنا الدبلوماسي الخارجي وافشلوا عدد من محاولاتنا للاستنصار بالآخرين .. في ظل ذلك غاب وجود من يناصر قضيتنا رغم وضوحها من أي من دول الإقليم أو العالم خلا عدد من الدول.. نكاد نحصيها على أصابع اليد الواحدة.. ربما يقول قائل إن المشروع الوطني للسودان ظل رافضا للاذلال والتبعية محافظا على القيم و السيادة الوطنية .. لذلك ظل مشروع التدجين والإخضاع الذي يستهدفه فاعلا منذ أمد بعيد .. لذلك المقاومة لهذا المشروع جعلت الجميع يتآمر لاخضاع البلد أو تفتيتها .. هذه المعطيات صعبت العمل الدبلوماسي كما صعبت أكتساب الأصدقاء.. كذلك كشفت الحرب عن ضعف الإعلام الرسمي و الجماهيري الذي يعرف وقت الحروب.. والذي أدي إلى اضطراب الرؤيه وغياب الحقائق والضبابية في عدد من القضايا الرسمية والعسكرية و الأمنية ..حتي بات أمر الخلاف بسبب مذيعة يقوم الدنيا ولايقعدها بصرف النظر عن الخلفيات والأسباب لكن لم يكن الناس قدر التحدي وقدر المرحلة.. هذا الضعف الإعلامي مؤكد بسبب غياب الحاضنة السياسية التي تدير الإعلام وفقا لرؤية الحرب.. كذلك برز التردد في تسليح المقاومة الشعبيه التي كانت يمكن أن تقف سدا منيعا في إنتشار رقعة سيطرة القوات المتمردة.. ذلك لم يتم ، بسبب الانقسام السياسي الحاد حول الحرب جعل من الصعوبة تسليح المقاومة بصورة شاملة رغم مايجري من تسليح بحذر.. لأن انتشار السلاح يعزز هواجس الانزلاق نحو الحرب الأهلية وهذه أم الكوارث.. كذلك من الواضح أن التردد في إعلان حالة الطوارئ الشاملة في البلاد وتشكيل حكومة حرب تدير الشأن التنفيذي علاوة على ضعف ولاة الولايات التي يفترض أن يكونوا عسكريين في مثل هذه الأحوال..كان سبب من أسباب إطالة أمد الحرب.. وربما الاستخفاف بآلام المواطنين ومعاناتهم ..وهذا لاعذر فيه لأحد.. هذا تقصير يسأل عنه القائمين على أمر إدارة الدولة.. كذلك انعدام الرؤية الحاكمة والخطة الاستراتيجيه في إدارة الحرب.. حيث كشفت الأيام.. أن لا وجود لخطة إستراتيجية في غياب ثلاث أضلاع أساسية في مثل هذه الظروف وهي حكومة فاعلة؛ وحاضنة سياسية شعبية متمددة.. وقوات جاهزة في الميدان تستطيع تحقيق انتصار خاطف.. عليه ومن خلال هذا السرد دعونا نحدث عن مقاربة جديدة ربما تعجل إنهاء الحرب أو على الأقل تعيد الكلمة للشعب وتحفظ لحمة البلد .. أولا يجب التأكييد على أن هذه الحرب في الأساس حرب سياسية نتيجة اطماع و فشل السياسيون في إدارة الخلاف.. تطورت أهدافها حسب تطور العمليات الميدانية.. لذلك المدخل لإنهاؤها بالضرورة أن يكون سياسيا.. لذلك يجب الذهاب إلى ترتيبات مباشرة.. تتمثل في الآتي : إعلان وقف العدائيات وخطاب الكراهية الإعلامية والسياسية بين جميع الأطراف سياسين؛ عسكريين؛ إعلاميين؛ ناشطين في الميديا وكافة الجمهور.. لمدة شهر على الأقل لإثبات حسن النوايا و جدية جميع الأطراف للانتقال للسلام.. يتبع ذلك إطلاق سراح كافة المعتقلين المدنيين لدى الأطراف دون قيد أو شرط..الخطوة الثانية تنفيذ إتفاق جدة للترتيبات الأمنية والإنسانية .. علي أن يبدأ ذلك بإعلان الدعم السريع قبول الاتفاق وبدء تنفيذه.. توقف بموجب ذلك الحرب في جميع أنحاء البلاد.. يبدأ بعدها إختيار المراقبين على الأرض بالتوافق .. ثم الخروج من الأعيان المدنية وبيوت المواطنين.. والتجميع في معسكرات.. بالتزامن مع ذلك يتم الإتفاق على رؤية واضحة بتواريخ معلومة لأمر التسريح وإعادة الدمج وفقا لمعييار القوات المسلحة السودانية.. يشمل ذلك قوات الدعم السريع وقوات الحركات المسلحة على أن يكون المدى الزمني عامين للوصول إلى جيش واحد.. ثم الذهاب لعملية سياسية شاملة لاتستثني أحد والجميع فيها بأوزان صفرية.. يذهب الدعم السريع في تكوين حزب سياسي بالنسبه لمناصريه المدنيين.. مثلما تذهب كافة حركات الكفاح المسلح في تكوين أحزاب سياسية أو تندمج في الأحزاب السياسية القائمة حسب ما تراه يتوافق مع برامجها.. كذلك تسقط كافة العقوبات و الإجراءات السياسية على أي من قيادات الأحزاب و الفاعلين السياسين و الناشطين .. إلا من ثبت انه ارتكب جرما بين وفقا للقانون.. يقدم إلى محاكمة عادلة يكفل له فيها حق الدفاع عن نفسه على أن يكون الشعب السوداني شاهدا متابعا عبر الفضائيات و الإذاعة السودانية.. كذلك يتم إستكمال كافة الجهاز العدلي في البلاد حتى مستوى المحكمة الدستورية.. كذلك يتم التوافق على الانتخابات على أساس التمثيل النسبي خلال ثلاثة أعوام.. تدار خلالها البلاد عبر مجلس عسكري يمثل هيئة أركان القوات المسلحة و كافة الوحدات العسكرية..وحكومة وطنية مدنية من الكفاءات والخبرات اللا حزبية.. برنامجها يتمثل في : تعويضات المواطنين وجبر الضرر.. و إعادة الإعمار وإصلاح الاقتصاد والتحضير للانتخابات.. التي يترك فيها الكلمة للشعب.. يقرر من يقوده.. وحده يمنح تفويضه ووحده يمنعه.. هذا وجه الحقيقة بلا تزييف أو مداهنة أو مزايدة على احد.. ظني انه يمثل المخرج من الأزمة دون إدعاء لأحد أنه صاحب الصوت الأعلى بانحيازه لنصرة البلاد أو المفوض من قبل الشعب عبر شرعية الثورة ..ليس لأحد الحق في الحديث باسم الشعب السوداني .. غير الجيش إذا ماذهب في اتجاه حقن دماء السودانيين بأعمال الحكمة والانتقال السلس لمرحلة جديدة.. يعاد فيها الأمن والسلام.
دمتم بخير وعافية..
الأحد 1سبتمبر 2024 م Shglawi55@gmail.com