– إبراهيم شقلاوي.
المتابع حصاد اليومين الماضيين من زيارة فخامة الرئيس السوداني عبد الفتاح البرهان إلى جمهورية الصين الشعبية في إطار منتدى التعاون الصيني الأفريقي .. يكتشف أن الزيارة تأخرت كثيرا .. بمقاييس الزمن الضائع من أعمار الشعوب.. ها هي الصين في الموعد وهي كذلك ظلت عند حسن ظن السودانين بها.. كلما إدلهمت الخطوب وتكالبت عليهم المنايا والاعداء .. لذلك يجب أن نظل دائما منتبهين للإستراتيجي و التكتيكي في علاقاتنا مع هذه الدولة المهمة.. فقد أثبتت التجارب أن دولة مثل الصين يجب أن لا تغادر إستراتيجية السودان في التنمية المستدامة والأعمار والبناء والنهضة والتطوير والدفاع الاستراتيجي .. لذلك ظلت تجربة السودان مع الصين منذ خمسينات القرن الماضي تجربة ناصعة.. إلا أن تقلب المزاج السوداني والسياسة السودانية جعل البلاد لا نستفيد من هذه الدولة كما يجب التي ينظر لها بالإحترام والتقدير في كل أفريقيا بما تتمتع به من حياد إيجابي تجاه قضايا القارة السمراء.. ذلك الحياد الذي يجعلها لا تتدخل في الشئون الداخلية للدول أو تمارس أي نوع من أنواع الابتزاز أو الاخضاع لأجل مصالحها.. عليه دعونا في هذا التوقيت المهم من تاريخنا السياسي والاقتصادي والدبلوماسي و الأمني أن نمضي بعلاقاتنا معها بخطي ثابتة وبصر حديد إلى الأمام دون وجل او اعتبار لغير مصالحنا العليا .. السودان بعد الحرب وخلالها يمكن أن يستفيد الكثير.. إذا ما كانت له رؤية واضحة حول ماذا يريد ؟ .. وما هي حدود التعاون الذي يرجوه مع دولة الصين الشعبية .. في وقت وجيز وخلال يومين قضاهما الرئيس البرهان وطاقم الحكومة أستطاع توقيع عقود كبيرة ومفتاحية للتنمية تعزز مبدأ الشراكة الإستراتيجية التي ظلت تربط بين الصين والسودان بلغت في مجملها حدود 7 مليار دولار حسب ما تنقالته عدد من المواقع الإلكترونية.. حيث أن الصين رصدت من خلال هذا المنتدى للتعاون الصيني الأفريقي ما مجمله 50 مليار دولار للتنمية في أفريقيا.. كان نصيب السودان أن وقع على عدد من الاتفاقيات المشتركة بين مجموعة الطاقة والتعدين المنضوية تحت منظومة الصناعات الدفاعية وشركات- CHINA ENERGY- المتخصصة في بناء الطاقة النووية وإنشاء الموانئ والمطارات.. هذه الإتفاقيات في إطار مساعي السودان نحو تحقيق التنمية والنهضة في مختلف المجالات لا سيما في مجال استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية والتي قطع فيها السودان شوطا مقدرا خلال حقبة الرئيس السابق البشير.. والعمل على تأهيل وتطوير موانئ السودان البحرية وذلك لتعظيم الفائدة الإقتصادية منها والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.. كذلك تم توقيع إتفاق للتعاون الإستراتيجي في المجالات الدفاعية.. بين منظومة الصناعات الدفاعية و شركة بولي – POLY- الصينية للتعاون الإستراتيجي في المجالات الحيوية والدفاعية.. يأتي هذا الاتفاق في إطار الإسناد الدفاعي الفاعل في شتى المحاور العسكرية.. من المعلوم أن هذه العقود من شأنها المساهمة في إستدامة الجاهزية الدفاعية والامنية للدولة ورفع الكفاءة .. كذلك في إطار سد الفجوة في مجال الطاقة النظيفة والطاقة الشمسية تم توقيع إتفاقيات في مجالات الطاقة الشمسية والتعدين وخطوط النقل.. للمساهمة في إنتاج- 1500 ميقاواط- من الطاقة الشمسية فضلاً عن السعي نحو إستخدام معدات كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية لترشيد الصرف في الكهرباء.. كما تم توقيع إتفاقيات لإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتمديدها وتوفير المعدات والمحولات ذات الكفاءة العالية.. كذلك في مجال التعدين تم توقيع عقد لإستخلاص المعادن النفيسة عبر شراكات إستراتيجية مع مؤسسات صينية حيث تم التركيز على خام الحديد بإعتبار أن السودان غني بهذا المعدن.. من الواضح أن هذه الإتفاقيات مع الصين في مجملها تعزز مبدأ الشراكة الإستراتيجية التي تربط بين البلدين.. كما وقع السودان عدد من مذكرات التفاهم في عدد من المجالات التنموية.. هذا يعد موشر جيد لنجاح الزيارة التي أستطاع خلالها الرئيس البرهان إعادة العلاقة بين السودان و الصين الي مرحلة الإسناد الدفاعي و شراكة التنمية.. حيث خاطب المنتدى والعالم من العاصمة الصينية بكين خلال جلسة الحزام والطريق لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي مشيداً بدور الصين في ترقية وتطوير العلاقات مع الدول الإفريقية.. موكدا أن المنتدى الصيني الإفريقي حقق نتائج ملموسة.. حيث أوفت الصين بما إلتزمت به خلال خطط عمل المنتدى مما ساهم وبشكل فعال في تغيير وجه القارة الإفريقية بعيداً عن الإملاءات والشروط المسبقة والتدخل في الشئون الداخلية؛ .. أن شعار القمة الرابعة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي (ضم الأيادى من أجل التحديث وبناء مجتمع أفريقي صيني ذي مستقبل مشترك) شعار يعبر عن إنطلاقة جديدة للعلاقات الأفريقية الصينية تجسيداً لتطلعات الصين والشعوب الإفريقية نحو التنمية والإزدهار والربح و المكاسب المشتركة في ظل عالم ملئ بالمتغيرات والمخاطر السياسية والأجندات الساعية لفرض قيود على التنمية المستحقة والمشروعة للدول الإفريقية.. عليه يظل وجه الحقيقة في التأكيد على نجاح الزيارة في يومها الثاني ومازل الشعب السوداني ينتتظر المزيد من توظيف العلاقات الخارجية مع دول العالم والاقليم الفاعلة التي تعلي تبادل المنافع لأجل المصالح المشتركة.. دعما لتنمية الشعوب ونهضتها.. كما يجب على دولتنا الإنتباه الي موقعها الجيوسياسي الإستراتيجي و المميز المطل على البحر الأحمر والذي يعتبر بوابة العالم الاقتصادية الي أفريقيا.. لذلك يجب أن نسارع في طي ملف الحرب والمضي قدما في التنمية والأعمار والاستفادة من موارد البلد الضخمة التي يمكنها أن تساهم في نهضة السودان وشعبه في وقت وجيز إذا توفرت إرادة التغيير والإصلاح .. كما يمكن أن يفيض خيره الي جيرانه إذا احترموا سيادته الوطنية وتم النأي عن التدخل في شؤونه الداخلية.
دمتم بخير وعافية..
الجمعة 6 سبتمبر 2024 م. Shglawi55@gmail.com