ابراهيم اونور
استاذ الإقتصاد بجامعة الخرطوم.
قرار بنك السوداني المفاجئ في شهر مايو الماضي من العام الجاري بتخفيض سقف سحوبات عملاء البنوك الي ثلاث مليون جنيه لليوم الواحد أدي الي سحب العملاء ارصدتهم من البنوك وتحويلها الي عملات حرة او سلع إستهلاكية الأمر الذي أدى الي ارتفاع الدولار من 1500 جنيه للدولار في ذلك الوقت الي حوالي 3000 جنيه للدولار في شهر سبتمبر من نفس العام. لم يتوقف التأثير السلبي لقرار تحجيم سقف السحوبات إلى ارتفاع الدولار في السوق الأسود للعملات بل أدي إلي تجفيف السيولة في البنوك والذي بدوره كان له تأثير سلبي كبير لأنشطة القطاع المصرفي الذي توقف تماما عن نشاطه التمويلي نتيجة لتوقف عمليات الإيداع في القطاع المصرفي. ولمعالجة مشكلة إختفاء السيولة من البنوك التي سببها الأساسي سياسة تخفيض السقف المسموح لسحب ودائع العملاء من البنوك لجأ بنك السودان قبل حوالي شهر الي إعلان إلغاء عملات فئتي ال 500 و 1000 جنيه في الولايات الامنة وإعطاء مهلة قصيرة للمواطنين لفتح حسابات مصرفية لإيداع ارصدتهم ومنع صرف المقابل النقدي من حساباتهم بالعملة الجديدة وفي نفس الوقت السماح بتداول العملة في ولايات النزاع بدون قيد زمني محدد الأمر الذي قد يؤدي إلي تدفق العملات القديمة الغير مبرئة للذمة في الولايات الأمنة إلى ولايات النزاع وبيعهم بأسعار مخفضة لوكلاء قوات الدعم السريع وبالتالي حل أزمة السيولة في اماكن تواجد قوات الدعم السريع. نتيجة لضيق الوقت لإكمال إجراءات إستبدال العملات وعدم جاهزية البنوك لإستيعاب الكم الهائل من العملات القديمة المراد إستبدالها مع إقتراب فترة المهلة الزمنية التي حددها بنك السودان بدأ كثير من المواطنين يتدافعون خلال الأيام الماضية في الولايات الأمنة لشراء سلع من الأسواق لتخزينهم تفاديا لتحول أرصدتهم إلى ورق غير مبرئي للذمة. وهذا بدوره ادي إلى إرتفاع اسعار السلع الأساسية في الاسواق خلال الإسبوع الماضي.
عموما يمكن القول ان أخطاء البنك المركزي منذ شهر خمسة الماضي والذي تسببت سياساته في خلق أزمة سيولة وإرتفاع حاد في اسعار العملات الأجنبية مقابل العملة الوطنية وبعد ذلك فوضى إجراءات استبدال العملة بالصورة التي نشاهدها الان كلها ستؤدي الي أزمة إقتصادية جديدة. نعم تغيير العملة مطلوب ولكن الطريقة التي تمت بها هزمت تحقق الأهداف المرجوة.
الله المستعان.