أخبار محلية
أخر الأخبار

الزكاة و اقتفاء أثر القوات المسلحة في ربوع بلادى الحبيبة 

 

صوت القلم / د. معاوية عبيد 

اشتهر الأعراب وغيرهم من أهل البادية منذ القدم بدرايتهم باقتفاء الأثر، أي تتبعه والاستدلال منه على صاحبه والطريق الذي مشى فيه ،وقد برع بعضهم في ذلك براعة مذهلة ، وأهم ما يعتمدون عليه في ممارسة هذا الفن آثار الأقدام الغائصة في رمال الصحراء، وكذلك آثار أخفاف الإبل وحوافر الخيل ، ويطلق على المشتغلين باقتفاء الآثار اسم «القصاص» (والمفرد: قاص)، لأنهم يقصون الأثر أي يقتفونه ،ويهتم القصاص بملاحظة طول أثر القدم أو قصرها، وشكل أصابع القدم ووضعها وتناسقها (إذا لم يكن صاحب الأثر لابسا حذاء) ، وكذلك عمق أثر القدم في الرمال أو في الطين، فإن صاحب الأثر إن كان ضخم الجثة غاصت قدمه أكثر من قدم شخص خفيف الوزن ، وحتى لو كانت الأرض مغطاة بالحصى، حيث يصعب تتبع الأثر فيها، يستطيع القاص الماهر أن يسترشد بالحصى الذي تزحزح من مكانه، إذ قد يدل على الشخص الذي سار فوقه ،وبإمكان مقتفي الأثر البارع أن يعرف فيما إذا كان صاحب الأثر ضريرا أو أعور، أو أعسر (أي يستخدم يده اليسرى) أو أعرج، قصيرا أو طويلا، بل حتى إن كان مقطوع اليدين، إحداهما أو كلتيهما ، ويستطيع قاص الأثر معرفة الرجل من آثار قدميه حتى ولو غير حذاءه ، كذلك يمكنه أن يكتشف إذا ما كان ممتطيا دابة أم لا ،أو إذا كان مسلحا أو أعزل ، بل يحكى أن بعضهم يفرق بين قدم الشاب والشيخ وقدم الرجل والمرأة، وتروى روايات كثيرة عجيبة ، وقد اتفقت الآراء على أن قبيلة «بني مرة» هم أبرع الأعراب في اقتفاء الأثر، فقد مضت عليهم آلاف السنين وهم يقطعون الجزيرة العربية ذهاباً و إياباً عبر الربع الخالي بماشيتهم وخيامهم، بينما لم يكن معظم القبائل الأخرى يجرؤ على ذلك خشية التيه في الصحراء ،ويقاربهم في هذه الشهرة المهارة بنو مدلج وبنو منذر ، هذا ويعمل عدد كبير من بني مرة في الشرطة وفي دوائر المباحث لتميزهم عن غيرهم في اقتفاء الأثر ، وكثير منهم يرى الأثر فيقول هذا أثر فلان أو فلان، أو هذا أثر ناس لم يمشوا في هذه الأرض من قبل ، وينشأ الفتى منهم أولا على معرفة آثار أبيه و أمه و إخوته، وهو ما زال في سن الطفولة ، وكلما شب ونما ازداد خبرة وتدريبا، وقد يصبح بارعا في اقتفاء الآثار حتى أنه يتمكن من قراءة قصص كاملة من صفحة الرمال كما يقرأ غيره من الشباب من كتاب مفتوح .

برع ديوان الزكاة في اقتفاء أثر القوات المسلحة و هي تخضوع معركة الكرامة و تستأصل وتطهر أرض بلادي الحبيبة من أقدام المليشيا المتمردة التي دنست أرضنا الطاهرة، وكلما دخلت القوات المسلحة أرضاً أو ولاية و حررتها كان فرسان الزكاة في مقدمة من يدخلون هذه الديار ويقدمون الغذاء والدواء و العلاج لجرحي العمليات و للأسر التي ظلت صامدة صابرة في ديارها ، فها هي أم درمان بشموخها و كبريائها عندما تطهرت من دنس التمرد كان أول المبادرين و مقتفياً أثر القوات المسلحة إذ سير ديوان الزكاة ولاية الخرطوم قافلة غذائية بأكثر من مليار جنيه ودعم التكايا ، و بالتعاون مع شوامخ والتأمين الصحي تم توفير العلاج للمرضي هنالك ، و قد كان الأمين العام لديوان الزكاة أحمد ابراهيم عبد الله أول الواصلين إلي هنالك ، ولحقت بركب التطهير و الانعتاق من دنس العملاء ولاية سنار فكان ديوان الزكاة سباقاً بتسيير أكثر من مائة رحلة من كل ولايات السودان تحت مسمي برنامج ( العودة الي الديار ) حيث عمل الديوان علي تفريغ مراكز الإيواء بكل الولايات الآمنة من وافدي سنار وصحب هذا البرنامج قافلة غذائية قدمها الديوان بولاية سنار للذين وصلوا الي ديارهم و الصامدين الذين بقوا بالولاية، و عندما كانت الفرحة الكبري تحرير الجزيرة الخضراء اقتفي ديوان الزكاة أثر القوات المسلحة و كان أول الواقفين علي أعتاب ولاية الجزيرة و تفقد رئاسة امانة الزكاة بالولاية وطاف وزير التنمية الإجتماعية و الامين العام ووالي الولاية والوفد المرافق له علي عدد من أحياء المدينة و اطمأن علي احوال العالقين بالولاية من المواطنين ، وقدم الغذاء والدواء عبر قافلة كبري و بعد التطهير سير أكثر من (٤٠) رحلة العودة إلي الديار إلي قري ولاية الجزيرة ، و جاء عرس حفيرة كردفان الغرة ، مدينة ام روابة و ما إن أعلنت القوات المسلحة عودتها الي حضن الوطن ، حتي كان ركب الأمين العام لديوان الزكاة الذي يرافقه فيه مدير عام الدعوة والاعلام و مدير عام المصارف ومدير عام الجباية و أمين الزكاة ولاية النيل الابيض ، كانوا أول الواصلين الي تلك الديار و هم يحملون معهم الغذاء و الدواء عبر قافلة غذائية ضخمة لاولئك الذين تدثروا بجدران تلك المدينة الوادعة ، و من ثم قفل هذا الركب راجعا إلي و لاية النيل الابيض متفقداً حال اهلها الذين ظلون صامدون مرابطون علي الخنادق ضد غزو تتار العصر الجديد ، كما وقف السيد الامين العام لديوان الزكاة وركبه الميمون عند قلعة الصمود أرض السلطنة الزرقاء ولاية سنار . هكذا يظل فرسان الزكاة وقادتها يقتفون الأثر و يقدمون الغذاء والدواء للمحتاجين لأنهم أهل خبرة وتدريب، و براعة في اقتفاء آثار المحتاجين و الفقراء و المساكين ، يضعون ايديهم مع من يريد اعمار الدار و استقرار الانسان ، وهم بخبرتهم وضعوا خططاً و استراتيجيات تمكنهم من مساعدة كل محتاج و اصبحت الزكاة كتاباً مفتوحا لكل من يريد أن يتصفح برامجها ويطلع علي ادائها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى