أخبار محلية

ضل التاية – بروفيسور إبراهيم محمد آدم – بحر يا ضي الوطن يا فارس الفرس


في ساحات خدمة الوطن كان اللقاء بالشهيد البطل اللواء الركن بحر أحمد بحر، كانت المدة قصيرة ولكن التواصل بعدها امتد حتى استشهاده، كان الشهيد نائباً للملحق العسكري بجمهورية مصر العربية وكنت حينها مستشاراً ثقافياً لسفارتنا هناك وكان على رأس السفارة أحد أعلام الرياضة والعسكرية والدبلوماسية و العمل العام الفريق أول ركن عبد الرحمن سر الختم، وقد كانت له تجربة متفردة في العمل الجماعي للسفارة بكل أقسامها لذلك كانت تلك فرصة للتعرف عن قرب على الشهيد بحر، فقد كان حافظا تاليا لكتاب الله ملتزما به خلقا وادبا، كما كان مدرسة في اتقان العمل تعلمت منها الكثير حين جمعتنا بعض المهام، له اسلوب في الكتابة مميز استفدت منه الى ابعد الحدود وله لغة انجليزية رصينة يجيدها كأنه قد تخصص فيها، ولعل اجادته اللغة والتخطيط السليم هو ما دعا قيادة البلاد أيام حكم الإنقاذ لاختياره عضواً في فريق الحوار السوداني- الأمريكي الذي قطع الجزء الأول منه خطوات معتبرة كما أفاد بجليل مشاركته تلك البروفيسور ابراهيم غندور وزير الخارجية حينها .
كان الشهيد فارساً وبطلاً مغواراً لا يشق له غبار، تقلب في ساحات الوغى خفيفاً عند الفزع كهيئته، ضرغاماً مقداماً يحكي تجاربه كل من عمل معه فهو ما دخل معركة قط إلا وكسبها وكأنه يحاكي سيرة سيدنا خالد بن الوليد،سيف الله المسلول، تشهد على ذلك المعارك التي خاضها في جنوب السودان ثم قيادته لمتحركات تحرير هجليج ثم ابو كرشولا وغيرها من المعارك الى معركة الكرامة.
بعد سقوط الانقاذ، كان الشهيد اللواء الركن بحر قائداً للمنطقة العسكرية المركزية والتي فضل العمل فيها على ترشيحه من قبل رئيس مجلس السيادة الفريق الركن عبد الفتاح البرهان والياً لولاية الخرطوم فقد أبى تلك الوظيفة التي يتمناها كُثر لأنه يرى أن خدمته العسكرية أهم للوطن من أي منصب سياسي يمكن أن يتولاه شخص آخر، فحينها تكاثرت المصاعب علىى القوات المسلحة وبدأ مخطط تفكيكها بأيدي داخلية وخارجية، وكان ضمن ذلك استهداف الضباط العظام، ولكن تلك البسالة تعرضت مرة أخرى للتآمر فاتهم والفريق أول هاشم عبد المطلب رئيس هيئة الأركان حينها وآخرين بالتخطيط لمحاولة انقلابية فاشلة فبرأته المحكمة من تلك التهمة الملفقة فخرج من السجن تحتفي به كل البلاد في مهرجانات فرح كبرى.
وعندما اندلعت حرب الكرامة اتصلت عليه فافادني انه قد طلب الانخراط في المعركة وسألته أي رتبة تمت اعادته بها فأجابني أن القرار قد صدر ولم يستلمه بعد لكنه انخرط في المعركة، خاض الشهيد اللواء الركن كل معارك منطقة بحري العسكرية والتي كان قائداً لها فانتهت بالنصر المؤزر للشعب وجيشه بتطهير المنطقة من دنس التمرد واستمر البطل يواصل المسيرة حتى استشهاده راضياً مرضياً.
إن ما يميز الشهيد أيضاً قربه من كل الناس والذي لمسته في حسن تعامله مع الجميع رؤساء و مرؤسين وكانت علاقته اكثر بمرؤسيه من ضباط الصف والجنود الذين عملوا معه لذلك اجدهم ينطقون عبارة (سيادتو بحر) بكل تقدير وود، وقد الحظت ذلك في حضوره لكل مناسباتهم الاجتماعية، وقد كنت احرص على حضور تلك المناسبات حتى التقيه، ولعل من أجل صفاته كذلك بره كثيراً لوالدته وقد شهدت على ذلك أيضاً، فقد تجاورنا في السكن لفترة.
ولعل ما يتصف به كذلك الشهيد بحر هو المحافظة على العلاقات واستدامتها ما دامت الحياة الدنيا والقيام بقضاء حوائج الناس ما استطاع الى ذلك سبيلاً . ظل التواصل بيننا مستمراً عبر كل المواقع التي تسلمها واذكر انه في الأيام التي اعقبت سقوط الإنقاذ كانت هناك حالات اعتقال لبعض الأشخاص ومن بينها اعتقال طالب من طلابنا ألح علي والده المقيم في السعودية أن اعرف مصيره في ذات ليلة اعتقاله وكان حينها الشهيد بحر قائداً للمنطقة العسكرية المركزية وهي من أهم المحطات العسكرية في البلاد فاتصلت عليه فرد ووعدني بالتواصل لمعرفة مصير الطالب وقد تم ذلك سريعاً باطلاق سراحه في الساعات الأولى من فجر ذلك اليوم من القسم الشمالي لشرطة ولاية الخرطوم، بعد اكتمال التحقيق معه.
كل تلك الصفات جعلت المنايا تتربص به كما قال الشاعر الراحل صلاح أحمد ابراهيم في قصيدته نحن والردى: يا منايا حومي حول الحمى واستعرضينا واصطفى – كل سمح النفس بسام العشيات الوفي- الحليم العف كالانسام روحاً وسجايا- اريحي الوجه والكف افترارا وعطايا، نعم تلك الصفات تنطبق تماماً على شهيدنا بحر .
اللهم ان عبدك بحر قد نذر حياته للدين والوطن ولم يسترح إلا بالشهادة، فنسألك ان تتقبله مع الصديقين والنبيين والشهداء وان تجعل مقعده عندك في جنة عرضها السموات والأرض أُعدت للمتقين. كما أرجو من كل من قرأ هذ المقال الدعاء للشهيد فهذا فقط ما نملك لنهديه اليه في عليائه.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى