أخبار محلية

خبر وتحليل : عمار العركي : بين التدخلات والمبادرات.. السودان وحده يملك مفتاح استقرار جنوب السودان


(▪️) *أكد المبعوث الأممي الخاص بجنوب السودان “نيكولاس هايسوم”،* في تصريحاته الأخيرة، أن الحل الوحيد والمتاح لإنهاء الأزمات المتفاقمة في البلاد يكمن في تنفيذ اتفاق السلام المنشط الموقع في 2018، وهو الاتفاق الذي نجح في إيقاف الحرب الأهلية الطاحنة، وجاء برعاية مباشرة من السودان. هذه التصريحات تعزز ما ذهبنا إليه سابقًا، وهو أن أي “محاولات لتجاوز هذه الاتفاقية أو البحث عن حلول بديلة لن تؤدي إلا حل بقدر ما هو تعميق الأزمة.
(▪️) *لكن في الوقت نفسه، تواجه الاتفاقية تحديات خطيرة تهدد بانهيارها،* خاصة بعد الإعلان الأخير للحركة الشعبية لتحرير السودان (المعارضة) بقيادة د. رياك مشار عن تعليق مشاركتها في (آليات تنفيذ اتفاق السلام المنشط)، وهو ما يعيد البلاد إلى مربع المواجهة السياسية والعسكرية المفتوحة.
وتأكيد على ما ذهبنا إليه في مقالنا السابق، وهو أن الاتفاقية التي وُلدت برعاية سودانية ( ليست فقط الإطار القانوني والسياسي الوحيد القائم حتى الآن، بل إنها المرجعية الأساسية التي أثبتت قدرتها على إنهاء الحرب الأهلية الطاحنة في جنوب السودان، رغم التحديات التي تواجه تنفيذها)
(▪️) *التحركات السعودية الأخيرة في جوبا وأديس أبابا ونيروبي وإنجمينا تأتي في إطار البحث عن حلول للأزمة الجنوب سودانية* ، وهو ما يعكس اهتمامًا إقليميًا متزايدًا. لكن قراءة هذه التحركات في سياق اتفاقية السلام المنشط تعيد التأكيد على أن أي جهود لحل الأزمة في جنوب السودان لا يمكن أن تتجاوز الاتفاق الذي رعاه السودان. “*فإثيوبيا*” ، التي استقبلت نائب وزير الخارجية السعودي، كررت موقفها ” *المحايد* “، لكنها لم تقدم أي آلية عملية للحل.
” *جوبا* “، رغم استضافتها لمحادثات سعودية، لا تزال تستند إلى اتفاق السلام المنشط كإطار مرجعي، وهي نفسها كانت الطرف الأساسي في الاتفاقية التي تم التوصل إليها تحت الرعاية السودانية، “*كينيا وتشاد*” ، رغم كونهما جزءًا من المشهد، إلا أنهما ليستا ضمن الأطراف التي أسست الاتفاق، مما يضعف فرص تقديمهما لأي بديل عملي قابل للتطبيق.
(▪️) *لماذا يبقى السودان مفتاح الحل ؟* وذلك لعوامل كثيرة هي التي أدت لانجاح عامل “اتفاقية السلام المتشط” كأساس قانوني وسياسي للدولة الجنوبية القائمة الآن ، حيث لا يوجد اتفاق آخر معترف به دوليًا وإقليميًا يمكن البناء عليه، وكل المحاولات السابقة لصياغة حلول موازية لم تحقق أي نجاح يُذكر.
( ▪️) *رغم أزماته الداخلية، يظل السودان هو الضامن الرئيسي للاتفاق* ، وهو الذي امتلك القدرة على جمع الفرقاء في جنوب السودان وصياغة حل عملي أنهى الحرب الأهلية في 2018.
(▪️) *حتى التحركات السعودية، رغم قوتها الدبلوماسية، لا يمكنها القفز فوق اتفاق السلام المنشط* ، لأن كل الفاعلين في جنوب السودان ملتزمون به نظريًا، وحتى المعارضة التي علّقت مشاركتها في بعض اللجان لا تزال تستند إلى الاتفاق كمرجعية.
(▪️) *هناك أصوات تقول إن أزمات السودان الداخلية وشواغله لا تمكنه من لعب دور إقليمي مؤثر، لكن هذه الحجة لا تصمد أمام الحقائق التالية:*
* السودان نجح في 2018 رغم ظروفه الصعبة – قبل الثورة بعام – عندما رعى الاتفاق في وقت لم يكن يتمتع فيه باستقرار سياسي أو اقتصادي أفضل مما هو عليه اليوم.
* الوساطات الأكثر نجاحًا في الإقليم دائمًا ما تكون برعاية دول الجوار، مثل دور إريتريا في شرق السودان عام 2006، ودور إثيوبيا في 2019، ودور السودان في إفريقيا الوسطى وجنوب السودان في 2018.
* السودان هو الأكثر فهماً لتركيبة جنوب السودان السياسية والعسكرية ،وليس مجرد وسيط محايد، بل هو الطرف الأكثر إلمامًا بتفاصيل التوازنات الداخلية في جنوب السودان، وهو ما مكّنه سابقًا من صياغة حلول مقبولة لكل الأطراف، وهو أمر يصعب على أي دولة أخرى تحقيقه.
* العديد من القادة السياسيين والعسكريين في جنوب السودان تربطهم علاقات وثيقة بالسودان، وكانوا جزءًا من المشهد السياسي فيه قبل الانفصال، ما يمنح السودان قدرة تفاوضية أعلى مقارنة بأي طرف آخر.
(▪️) وفي ذات السياق يأتي البيان الأخير الصادر عن الحركة الشعبية لتحرير السودان (المعارضة) بقيادة رياك مشار ليؤكد أن الأزمة في جنوب السودان ليست بسبب الاتفاق نفسه، بل بسبب العراقيل التي تواجه تنفيذه، مثل الاعتقالات السياسية ونشر قوات أجنبية.
فتعليق مشاركة المعارضة في اللجان الأمنية والسياسية يعكس غياب الضمانات الحقيقية لتنفيذ الاتفاق، وهو ما يدعو إلى دور سوداني أكثر فاعلية في الضغط لإنفاذ الاتفاق على الأرض.

(▪️) *خلاصة القول و منتهـاه:*
▪️لا يمكن للسودان أن يقف موقف المتفرج على أزمات جنوب السودان، لأن أي اضطراب في جوبا يعني تهديدًا مباشرًا للأمن القومي
السوداني.اتفاق السلام المنشط يظل الإطار الوحيد القابل للتطبيق لحل أزمات جنوب السودان، وتصريحات الأمم المتحدة تؤكد هذه الحقيقة.
▪️السودان، رغم أزماته الداخلية، يبقى الطرف الأقدر على قيادة الحل، كونه الراعي الأساسي للاتفاقية والمستفيد الأول من استقرار جنوب السودان، وأي جهود إقليمية أو دولية لحل الأزمة لا يمكن أن تتجاوز السودان أو الاتفاق الذي رعاه، وإلا فستكون مجرد تحركات دبلوماسية غير قابلة للتحقق عمليًا.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى