مشاورات واسعة بدأها كأمل إدريس لتشكيلها،، الحكومـة المرتقبة،، تضحيات منتظـرة..

مشاورات واسعة بدأها كأمل إدريس لتشكيلها،،
الحكومـة المرتقبة،، تضحيات منتظـرة..
مطالبات بحكومة رشيقة وبعيدة عن المحاصصات والترضيات..
دعوة مكونات سلام جوبا إلى التعاطي إيجاباً مع مطلوبات المرحلة..
فرصة تاريخية أمام إدريس لإعادة هندسة الدولة وتفعيل قدراتها..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
شرع رئيس الوزراء الجديد السفير الدكتور كامل إدريس، في إجراء مشاورات موسعة لتشكيل الحكومة المدنية المرتقبة، ونشط إدريس في إجراء لقاءات متسارعة خلال الساعات الماضية، مع عدة جهات داخل منظومة الحكومة متناولاً الراهن الماثل وتداعياته الأمنية والسياسية بالتأمين على توحيد الجهود وتنسيق المواقف من أجل الوقوف صفاً واحداً خلف القوات المسلحة لإنهاء الحرب وبسط سيطرتها على كامل تراب الوطن، والتأكيد على أهمية مراجعة كل ما يهم الشعب السوداني، من اتفاقيات سابقة بروح المسؤولية والانفتاح، بما يراعي المتغيرات ويستجيب لصوت الشعب، ويوازن بين مصلحة الوطن والمصالح العامة، باعتبار أن ما يمر به السودان حالياً من ظروف استثنائية تفرض تحديات جسيمة، وتنازلات عظيمة تتماشى مع مطلوبات المرحلة التي تستدعي إيجاد مقاربة جديدة في تشكيل السلطة التنفيذية تقوم على الكفاءة، والقدرة على العطاء والابتكار.
رشاقة وفعالية:
وارتكازاً على المعطيات الراهنة، والظروف التي فرضتها حرب الخامس عشر من أبريل 2023م، فإن تشكيل الحكومة المدنية المرتقبة ينبغي ووفقاً لمراقبين أن يُراعي مبدأ الرشاقة والفعالية بعيداً عن معايير المحاصصات والترضيات السياسية، والحسابات الجهوية التي تقود إلى الترهل وإعادة التدوير، ذلك أن الأوساط السودانية التي كابدت ويلات الحرب، فصبرت وثابرت، تنتظر من الحكومة المرتقبة أن تكون منظومة متسقة البناء، متقدة الأفكار، قادرة على العبور والابتكار، ومتفاعلة إيجاباً مع أشواق وتطلعات المواطنين الذين تفاءلوا خيراً وانفعلوا مع الظهور الأول لرئيس مجلس الوزراء الذي لامس في خطابه المتزن قضاياهم الملحة، بحديثه الحاسم عن ضرورة القضاء التام على التمرد، وكل أشكال الميليشيات المتمردة، وحفظ الأمن القومي السوداني، والاهتمام بالاقتصاد، ومعاش الناس، و إعادة الإعمار، وجبر الضرر، ومراجعة هيكلة الدولة السودانية، لترتفع طموحات الشعب السوداني ويزداد إيماناً على إيمانه.
دمج واستحداث وإلغاء:
وكانت لجنة فنية متخصصة تم تشكيلها من مستشارين في مجلس الوزراء، فرغت في أبريل من العام الماضي 2024م من دراسة اقترحت بموجبها دمج بعض الوزارات وإلغاء أخرى، بالإضافة إلى تأسيس وزارة جديدة وذلك تماشياً مع برنامج الإصلاح المؤسسي وتفعيل الأداء الحكومي، والعمل على تقليص التداخل وتحقيق الانسجام، حيث اقترحت اللجنة دمج وزارة النفط مع وزارة المعادن لتشكيل وزارة موحدة، ودمج كل من وزارتي التجارة والصناعة مع جزء من وزارة الاستثمار لإنشاء وزارة متكاملة، على أن ينضم القسم الباقي من وزارة الاستثمار إلى وزارة المالية، بالإضافة إلى ذلك تم توحيد وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي مع وزارة التربية والتعليم العام في هيئة وزارية واحدة، ودمج وزارتي الشباب والرياضة مع الثقافة والإعلام لتصبح وزارة واحدة، ودمج وزارتي الزراعة والثروة الحيوانية في وزارة واحدة، كما تم دمج وزارتي النقل والطرق والجسور، ودمج وزارتي العمل والتنمية الاجتماعية في وزارة واحدة، واقترحت اللجنة الفنية المتخصصة إلغاء وزارة الاتصالات، وتوزيع وحداتها على الدفاع، وإنشاء وزارة للبيئة، على كلٍّ تبقى الكرة في ملعب السيد رئيس الوزراء كامل إدريس الذي يتمتع بكامل الصلاحية للعمل بمقترحات اللجنة الفنية، أو الإبقاء على شكل الوزارات القائم.
استراتيجية سباعية:
ويرى دكتور راشد محمد علي الشيخ أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية أن الحكومة المدنية المرتقبة تأتي في فترة تأسيسية جديدة تنطلق منها البلاد برؤية استراتيجية متكاملة، وقال في إفادته للكرامة إنه من الأوفق أن تكون الحكومة في الراهن الماثل مبنية على شكل القوة الاستراتيجية السباعية القائمة على القطاعات التي تندرج تحت لوائها مختلف الوزارات، كوزارات القطاع السيادي، والقطاع الاقتصادي، والقطاع الخدمي، والقطاع الإنتاجي، والقطاع الاجتماعي، والقطاع التنموي، والقطاع الثقافي والفكري، بحيث تقود المرحلة وزارات القطاع الاقتصادي لمبررات واقعية تفرضها ظروف البلاد الراهنة، ونوه دكتور راشد إلى أهمية أن تُبنى وزارات الحكومة المدنية المرتقبة على مفاهيم وقيم وتقوم على مطلوبات أساسية تخاطب تحديات معينة بغية الوصول إلى نتائج إيجابية باتجاه تحقيق مصالح السودانيين في الداخل والخارج، وتجنُّب المعطيات المتعلقة ببيئة الصراع الاستراتيجي الخارجي وانعكاساته على الداخل، داعياً إلى ضرورة أن تعمل الحكومة المرتقبة عبر وزارتها المعنية على تجميد درجة حرارة النزاع الداخلي في السودان، وتصفير مستواه بإعادة مكونات الأحزاب السياسية إلى دُورها لإعادة بنائها وتأهيلها، ومن ثم إدراك ماهية القيمة الوطنية العالية للدولة، والعمل على بث الروح المرتبطة بالبناء، والقيمة الدافعة للروح الوطنية.
معادلة اتفاق جوبا:
ومنذ أن أعلن رئيس الوزراء السفير الدكتور كامل الطيب إدريس حلَّ الحكومة، تصاعدت وتيرة الأحاديث عن مستقبل المكونات الموقعة على اتفاق سلام جوبا، وقابل البعض قرار حلِّ الحكومة برفض وانتقادات لاذعة لكون القرار ووفقاً لتقديراتهم يخالف منطوق اتفاق جوبا، ويطالب دكتور راشد محمد علي الشيخ أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية مكونات اتفاق سلام جوبا من الحركات المسلحة ضرورة التعاطي الإيجابي مع متغيرات المعادلة السياسية ومطلوباتها التي فرضتها ظروف الحرب الراهنة والتي تتطلب تقديم تضحيات وإعمال الولاء الوطني من أجل مستقبل السودان، داعياً الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا أن تعمل على دمج قواتها في القوات المسلحة في إطار توحيد الجيوش المتعددة وفقاً لمطلوبات الترتيبات الأمنية، على أن تلتفت مكونات اتفاق سلام جوبا لبناء منظومات سياسية تخاطب متطلبات المستقبل ولا تخاطب متطلبات المرحلة المرتبطة باتفاق سلام جوبا.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر تبقى أمام رئيس الوزراء الجديد فرصة تاريخية ليتسلح بالإرادة السياسية القوية من أجل إعادة هندسة الدولة، وتأسيس عقد سياسي وتنفيذي جديد ينطلق بالبلاد متجاوزاً تركة المحاصصات والترضيات وضعف القدرات والتي أقعدت بمسيرة التحول الديمقراطي، فالمطلوب من رئيس الوزراء تشكيل حكومة مدنية ذكية، سريع الاستجابة، تركض بحرية وشفافية، مسنودة بمعايير الكفاءة، والقدرة على الإضافة الابتكار، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.