أخبار محلية

الخيانة … أصل البلاء ومعول هدم السودان


بقلم: قذافي محمد أحمد المنصور

منذ قدوم المستعمر إلى ارض بلادنا، جاء بسياسية (فرق تسد) التي وللاسف وجدت ارضاً خصبة بين بعض الاعيان وقادة المجتمع التاريخيين ومن صنعهم المستعمر، ومنذ ذلك الوقت بدأت أولى بذور الخيانة تُزرع بين صفوف السودانيين مما اضعف مقاومة الاستعمار واطال بقاءه، فكانت هي سلاحه الخفي الذي مكّنه من السيطرة على بلادنا ونهب ثرواتها وتمزيق الوحدة الوطنية.
التعدد العرقي والاثني في بلادنا كان يجب ان يكون عامل من عوامل القوة حيث ان عامة المواطنين يتعايشون مع بعضهم في محبة و وئام ولم يكن اختلاف اعراقهم وحتى اديانهم مانعاً لهذا التعايش، لكن بسبب خيانة بعض النخب والقادة تحول ذلك لأكبر واخطر مهدد امني.
تعانى بلادنا عبر تاريخها الطويل من أعداءٍ الخارج من الجيران وغيرهم الذين يسعون لتحقيق مصالحهم سواءً الشخصية او مصالح بلادهم بشتى السبل، وهؤلاء ما كان لهم ان يتمكنوا من تحقيق مسعاهم إن لم يجدوا القبول والتعاون من خونة الداخل وهم من تسببوا في البلاء الحقيقي حينما باعوا ضمائرهم بثمن بخس واحياناً بلا ثمن، وسعوا وراء مصالحهم الشخصية، ونسوا أن الأوطان لا تُبنى إلا بالإخلاص والتضحية وصدق الانتماء.

*الخيانة السياسية والامنية*
كم من مسؤولٍ خان الأمانة، فباع قراراته، أو استغل منصبه لمصالح ضيقة ؟!
كم من قائدٍ جعل ولاءه للحزب أو القبيلة بدلًا من الوطن ؟!
هذه الخيانات المتكررة كانت السبب الرئيسي في عدم استقرار نظام الحكم بالانقلابات العسكرية المتكررة والتي كانت كلها بمشاركة أحزاب سياسية تدعي الديمقراطبة. وكذلك ادت الخيانة الى التشظي والانقسامات حتى داخل الاحزاب السياسية التي خانها كثيرٌ من قادتها، فبدلاً من ان يحتكموا في خلافاتهم الى ما تواثقوا عليه في نظامهم الاساسي سارعوا الى الخروج وتكوين ( فروع ) حزبية اضعفت احزابهم الأصلية واضرت بالممارسة السياسية في البلاد بصورة عامة.
الخيانة هي السبب في اندلاع الحروب وطول امدها، فبالنظر الى الحرب الحالية وهي أسوأ واغرب حرب، بدأت بخيانة المليشيا المتمردة وخيانة بعض ضعاف النفوس من ضباط القوات المسلحة لقَسَمهم و ولائهم للوطن والزود عنه، ولكن في نفس الوقت هناك من ضرب أروع الأمثلة في الامانة والولاء للوطن منهم اخونا شهيد قريتنا البشاقرة غرب اللواء م محمد يس شلبي (عادل شلبي كما يحلو للاهل) والذي تعرض لاشد انواع العذاب والتنكيل في معتقلات المليشيا لضغطه للقبول بالعمل معهم ولكنه ظل متمسكاً بعهده رافضاً خيانة زملائه و وطنه حتى ارتقى شهيداُ في محبسه وآخرون كثر منهم من قضى نحبه في سجون المليشيا ومنهم من ينتظر وهناك الذين عادوا الى وحداتهم بعد ان كانوا منتدبين لقيادة وتنظيم وضبط قوات الدعم السريع قبل ان تمردها وما اكثرهم.
عندما اجتاحت المليشيا المتمردة مدننا وقرانا خان بعض ضعاف النفوس اهلهم وانضموا للعمل في صفوف المجرمين وحملوا معهم السلاح لانتهاك حرمات اهلهم بل واقرب الاقربين لهم، ليس هؤلاء فحسب بل حتى بعض النخب والقوى السياسية وقفت مع المليشيا المتمردة وايدتها في اعتداءاتها بمواقف صريحة مباشرة او بتزييف الحقائق والسعي لاضعاف القوات المسلحة التي تعتبر حائط الصد الاخير لحماية الأرض والعرض.

*الخيانة الاقتصادية*
السودان بما لديه من موارد طبيعية وبشرية هائلة كان يجب ان يكون من أغنى بلدان العالم، ولكن للاسف يعيش كثير من مواطنيه في فقرٍ مدقع ومعاناة، وذلك بسبب الخيانة التي أفسدت المال العام، وحوّلت الموارد إلى جيوب المنتفعين، فانهار الاقتصاد وضاعت فرص التنمية وتردت ( إن لم تنعدم ) كل الخدمات.

*الخيانة الاجتماعية والإعلامية*
ترويج لإشاعات والاخبار المضللة ونشر الرعب بين المواطنين، وزرع الكراهية بين القبائل والمناطق، يعتبر نوع من انواع الخيانة وهي لا تقل خطراً عن الرصاصة، لأنها تقتل الثقة بين الناس وتنخر في جسد الوحدة الوطنية.

*الخيانة … معول الهدم*
كل خيانة مهما صغر حجمها او كبر هي ضربة بمعولٍ الهدم في جدار الوطن. وحين تتكرر الضربات، ينهار البناء كله، وتضيع اماني الكبار واحلام الصغار برؤية وطن آمن ومستقر.
لذلك، لا خلاص للسودان إلا بعودة الضمير الحيّ والإخلاص الحقيقي، وبتربية جيلٍ يعرف أن الوطن أغلى من القبيلة والحزب والمصالح الضيقة، والأفضل ان يكون ذلك طوعاً واختياراً وإلا بقوة و (بطش) القانون فإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

وبدلاُ من العمل بمنهج انا والغريب على وطني ومن يخالفني الرأي، علينا ان نرفع ونطبق جميعاً شعار: انا واخوي وابن عمي وجاري البعيد والقريب على كل عدو ومتربص ببلادنا، ومن خان وطنه خان نفسه، ومن باع أرضه باع كرامته.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى