خصخصة الموانئ البحرية وبناء ميناء جديد على سواحل البحر الاحمر
رشحت فى الإعلام السودانى ان دولة الإمارات العربية بشراكة مع رجل أعمال سودانى تنوي انشاء ميناء جديد على ساحل البحر الأحمر وذلك بغرض فتح منفذ جديد للتجارة الخارجية ليكون منافس للموانى السودانية وفى مقابل ذلك ستودع مبلغ 300 مليون دولار فى بنك السودان. فى الحقيقة توقيت الصفقة مريب خاصة فى ظل حوجة الدولة السودانية لعملات حرة نتيجة لتوقف كل المساعدات الخارجية للسودان بعد 25 أكتوبر الماضى والغريب فى الأمر أن دولة الإمارات حاولت فى أواخر عهد حكومة البشير فى ظل ظروف اقتصادية مشابهة شراء ميناء بورتسودان عبر شركة فلبينية بمبلغ زهيد لحكومة السودان ولكن لحسن الحظ لم تتمكن من تمرير الصفقة فى ذلك الوقت نتيجة لتسلرع الأحداث السياسية فى تلك الفترة ولكن بعد الثورة خلال طيلة الفترة الانتقالية استمرت تطرق على نفس الهدف مستخدمة عدة واجهات وعملاء لها.
خصخصة الموانى بصورة كاملة من خلال السماح لدولة اجنبية او قطاع خاص لميناء جديد يتضمن مخاطر عالية لا تعوض بمبالغ مالية مهما كانت الحوجة الظرفية إذ انها تمثل انتهاك للسيادة الوطنية لأن الموانى من المرافق الحساسة التى لا ينبغى التفريط فيها حيث أن من عبرها تخترق أمن الدولة والمجتمع وتفقد الدولة سيادتها كما أن الخسائر الاقتصادية باهظة خاصة عندما يرتبط الأمر بتدمير الموانى الوطنية الموجودة، علما بأن الإيرادات السنوية لميناء صغير مثل ميناء جيبوتى تصل اثنين مليار دولار سنويا. لماذا لا يتم إدخال الاستثمارات الأجنبية لتطوير وتوسعة الموانى الموجودة من خلال آلية تحفظ للطرفين، الحكومة والقطاع الخاص، حقوقهم بدلا عن قيام موانى جديدة على انقاض الموانى القديمة.
الخصخصة فى الموانئ البحرية فى كل الدول التى تمتلك سيادة على ارضها لا تتجاوز خصخصة ادارة الخدمات بينما تظل الأصول مملوكة للدولة او قابلة لايلولتها للدولة بعد فترة معينة ويتم كل ذلك فى اطار قانون ينظم العلاقة بين أصحاب المصلحة ولا تتم بهذه العشوائية التى تمارس فى ظل الوضع الراهن الذي لا يوجد فيه قانون خاص بادارة الخصخصة وأنواع الخصخصة المستهدفة .
من الأشياء الهامة فى هذا الإطار لا ينبغى ان تتبنى وتنفذ حكومة انتقالية لم تمنح اى تفويض من الشعب مشاريع مصيرية كبيرة تهم أجيال المستقبل كبناء موانى جديدة ويجب ترك ذلك من مهام الحكومة المفوضة التى تحكمها سلطة تشريعية ممثلة فى مجلس شعب منتخب. مايثير الدهشة فى هذا الصدد استعجال دولة الإمارات لتدمير الموانى السودانية قبل انتهاء الفترة الانتقالية عبر عملاءها من رجال الأعمال والسياسيين والعسكر والادارات الأهلية الجاهلة فى الشرق. ينبغى التمحيص والتريس فى أمر الموانى البحرية خصوصا فى الفترة الراهنة التى تكتنفها الكثير من الضبابية والفوضى.
اللهم هل بلغت فاشهد.
بروفيسور ابراهيم اونور
جامعة الخرطوم