بقّال والنقيب سفيان.. مصيـرٌ مجهـول
اختفيا في توقيت متزامن مع انشقاق كيكل من الميليشيا،،
بقّال والنقيب سفيان.. مصيـرٌ مجهـول..
آخر ظهور لسفيان كان هزيلاً وسط تحرُّش من جنود يخوّنوه في تمبول..
النقيب سفيان يردد عقب تخوينه ( دي هسه يحلوها كيف؟)..
بقّال ينفي هروبه إلى أثيوبيا، ويظهر بشكل مهزوز وسط الميليشيا..
رسائل نصية مسربة تكشف تعليمات من عبد الرحيم دقلو لتصفية بقَّال وسفيان وأبوشتال..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
يكتنف الغموض مصير اثنين من متمردي ميليشيا الدعم السريع واللذين أثارا غباراً كثيفاً وجدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، وعلى صفحات (السوشيال) ميديا بعد اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل 2023م، ألا وهما النقيب المتمرد سفيان محمد زين بريمة، والصحفي المتمرد إبراهيم بقَّال سراج، حيث تتباين الرؤى والمواقف عن مصير الرجلين، خاصة بعد الهزّة الكبيرة والزلزلة القوية التي حدثت في بنية الدعم السريع عقب تسليم المتمرد أبو عاقلة كيكل نفسه وقواته وآلياته الحربية وأسلحته القتالية للقوات المسلحة في صفقة نتجت بعد مفاوضات أسرية، جرت وراء جُدر سرية، حتى تُوجت بخطوة الاستسلام، لتروج بعد ذلك معلومات عن مفاوضات مماثلة تجري مع عدد من قيادات ميليشيا الدعم السريع.
ظهور باهت لسفيان:
وظهر النقيب سفيان محمد زين بريمة للمرة الأخيرة عبر مقطع فيديو مصور في منطقة تمبول وقد ألقت عليه ميليشيا الدعم السريع القبض بعد عملية مداهمة قالوا في مقطع الفيديو كان يستهدفون بها أبو عاقلة كيكل قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة ولكنه فرّ منهم قبل أن يعلن استسلامه للجيش في منطقة البطانة الخميس الماضي، وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب ظهر النقيب سفيان محمد زين بريمة بغير بزته العسكرية، حيث كانت تبدو عليه مظاهر الإعياء وأثار ضربة في عينه الشمال وهو يرتدي بنطلوناً وقميصاً، حيث تم ترحيله إلى إحدى مواقع الدعم السريع عبر سيارة (لاندكروزر) جلس فيها متوسط السائق وأحد الضباط، قبل أن يظهر لاحقاً بجلابية بيضاء في مقطع فيديو ثاني وسط مجموعة من ميليشيا الدعم السريع داخل أحد المنازل وهم يحلقون حوله أثناء تناولهم وجبة طعام ( كاشير ) “ملاح عدس بعصيدة”، ودار جدل ساخن بدأ كأنه تحرُّشٌ أكثر من كونه تحقيقاً من قبل بعض جنود الدعم السريع، تجاه النقيب سفيان الذي كان يردد أنه مع القضية وقد وصل إلى تمبول قادماً من الخرطوم على متن سيارة ” أفانتي منفوخة” عقب تعرضه لهجوم من قبل القوات المسلحة في السوق العربي، وقال إنه لم يكن يملك مدفع 23، ولا دوشكا، ولا حتى سيارة (لاندركوزر)، فاضطر للهروب حتى وصل إلى تمبول قاصداً أبو عاقلة كيكل الذي حاول أن يبيعه للجيش على حد تعبيره، ومارس الجنود ضغطاً رهيباً على جبهة النقيب سفيان بسيل من الأسئلة عن سر وجوده مع كيكل قبيل انشقاقه؟، وهل وصل تمبول بعلم القيادة أم بتصرفه الشخصي؟ وما حقيقة نيته في الانشقاق والتمرد واللحاق بركب كيكل قبل وقوعه في أيدي الدعم السريع؟، وعندما حاصرته أسئلة التخوين، وضع النقيب سفيان يده على رأسه قائلاً ( دي هسه يحلوها كيف؟)
زخم وتُهم:
النقيب سفيان الذي ينتمي إلى الدفعة 56 بالكلية الحربية، عُرف في بواكير الحرب بتكثيف الزخم الإعلامي لصالح ميليشيا الدعم السريع من خلال إطلالته المباشرة على منصات التواصل الاجتماعي وصفحات (السوشيال) ميديا وهو يبدأ حديثه بعبارته الشهير” أنا النقيب سفيان محمد زين بريمة، المتمرد على قادة وساسة الجيش الفاسدين وشرذمة فلول الكيزان”، وقد عمد النقيب سفيان عبر الفيديوهات المصورة على بث الحماس ورفع الروح المعنوية لميليشيا الدعم السريع، خاصة عندما ظهر في إحدى الفيديوهات المصور وهو يحمل جهاز حديث مضاد للطيران ويقول: (تم تكليفي من قبل قيادة الدعم السريع لحسم معركة الطيران)، والواقع أن النقيب سفيان محمد زين بريمة قد نجح إلى حد كبير في رفع الروح المعنوية للدعم السريع، حتى وقع في فخ التخوين للمرة الأولى عندما كان يصوِّر مقطع فيديو في أحد المواقع، فأُصيب المصور بطلقة أحد القناصين، ولم يُصب النقيب سفيان، فأثار الأمر جدلاً كبيراً وخلافات داخل الدعم السريع، اُتهم فيه سفيان للمرة الأولى بالخيانة والتخابر لصالح القوات المسلحة، حيث أدت الحادثة إلى انخفاض معدل ظهوره على منصات التواصل الاجتماعي، قبل أن يختفي نهائياً، ليظهر أخيراً من خلال الفيديو المعني في منطقة تمبول بولاية الجزيرة.
الفلولي الميليشي:
ولا يقل الصحفي إبراهيم بقّال سراج إثارة وجدلاً عن النقيب سفيان محمد زين بريمة، حيث يكمن القاسم المشترك بين الرجلين في ظهورهما الإعلامي الكثيف على منصات التواصل الاجتماعي وصفحات (السوشيال) ميديا، وبقّال الذي يدّعي أن ميليشيا الدعم السريع نصَّبته والياً على ولاية الخرطوم، ظلَّ حريصاً على الإطلالة عبر مقاطع فيديو يعمد من خلالها على دحض ما يسميها شائعات الفلول بشأن استرداد موقع معين في ولاية الخرطوم، أو السيطرة على منطقة ما، أو تفنيد اتهام من قبل جهة معينة تجاهه، يبدو أن إبراهيم بقَّال سراج يحمل في داخله الكثير من المرارات تجاه تنظيمه السابق المؤتمر الوطني، حيث درج على إطلاق سهام من الانتقادات اللاذعة لما يصفهم بالكيزان وفلول النظام البائد، وإصراره على الردود على ما بعض ما يقول به اللايفاتية الداعمين للقوات المسلحة كالانصرافي، وبسيوني، والشرطي ود المصطفى، وغيرهم، وسرت في الآونة الأخيرة أحاديث عن هروب بقّال إلى أثيوبيا ولكنه نفى ذلك، ليظهر بقَّال نفسه قبل يومين وهو يرتدي (بنطلون أسود وتيشيرت أبيض) ويتوسط أثنين من جنود الدعم السريع في حالة أشبه بالاعتقال، إذ اعتاد بقال طوال فترة الحرب على الظهور ببزة عسكرية والتنقل وسط حراسة من جنود الدعم السريع.
موقف الأسرة من بقَّال:
وكانت أسرة المتمرد إبراهيم بقَّال سراج قد غسلت يدها وأعلنت تبرأها منه، ودوّن ابن عمه وابن شقيقته منشورين على مواقع التواصل الاجتماعي أكدا خلالهما تبرأ الأسرة من الأفعال التي يقوم بها بقَّال الذي قالوا إنه تجاوز كل الخطوط الحمراء بالارتماء في صدر الخيانة والارتهان إلى أعداء الوطن من ميليشيا الدعم السريع واختيار طريق الفتنة والانقسام دون الانصياع إلى الأسرة واحترام كبارها من الأعمام والعمات والإخوان والأخوات، منددين بوقوفه في صفوف الميليشيا المتمردة ضد القوات المسلحة التي تجد السند والدعم من كل الأسرة من الرجال والنساء الذين يقدمون التضحيات في الصفوف الأمامية، جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة والقوة المشتركة لحماية هذا الوطن العزيز، وجددت أسرة المتمرد إبراهيم بقّال ثقتها في القوات المسلحة التي تعمل على تحقيق العدالة وحماية السودان من الداخل والخارج، رافضين أن تتلوث سمعة العائلة بما وصفوها أفعال إبراهيم بقَّال الخسيسة، وأقواله التي قالوا إنها لا تمثل سوى نفسه.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر، يظل الغموض مكتنفاً مصير كلٍّ من النقيب المتمرد سفيان محمد زين بريمة، والصحفي المتمرد إبراهيم بقَّال سراج، رغم ترجيح كفة تصفيتهما التي راجت كثيراً خلال الساعات الماضية على منصات التواصل الاجتماعي، عطفاً على الأوامر والتعليمات التي أصدرها قائد ثاني ميليشيا الدعم السريع عبد الرحيم دقلو لاستخبارات الميليشيا بتصفية عدد من المتمردين التابعين لميليشيا الجنجويد وفي مقدمتهم المك سليمان أبوشوتال، وقجة، وسفيان محمد زين بريمة، وإبراهيم بقَّال سراج، وكشفت غرف الميليشيا في رسائل نصية مسربة أن التوجيهات صدرت منذ الأحد الماضي الموافق العشرين من أكتوبر 2024م، مبينة أن ميليشيا الدعم السريع لم تعد في حاجة إلى هؤلاء المعنيين بالتصفية، بحجة أنهم سيكونون فيما بعد خطراً على أي اتفاق سلام يمكن أن يحدث! ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين.