نادي الارسنال نادي أوربي عملاق وله كثير من المشجعين في أوربا وخارجها واستطاع بادائه الممتاز أن يحافظ علي ملأ المدرجات حتي نهاية المباراة ، ولكن ما اود الحديث عنه ليس هو نادي الارسنال ، ولكنه نوع آخر يفترض عليه أن يحافظ علي جمهوره حتي نهاية الرحلة بادائه الممتاز ، ولكن وااااه من لكن هذه لم يصمد هذا الارسنال حتي نهاية الرحلة وقد خاب ظني فيه .
يستخدم السودانيون تعبير ” الموت سمبلا” لوصف الموت المجاني، وينطبق هذا الوصف بشكل كبير علي العدد الكبير من الذين ماتوا و فقدوا ديارهم و انتهكت اعراضهم و نهبت اموالهم وشردوا من ديارهم خلال هذه الحرب اللعينة ، التي اوقدها سياسي هذه البلاد و المثقفين من ابنائه واوقدها الشعب نفسه ، في بعض مدن البلاد المختلفة ، وقد تجاوز عدد الموتي ” السمبلة” خلال هذه الحرب اللعينة اكثر من مليون شخص لأسباب مختلفة ولكنها مرتبطة بالإهمال فمنهم من مات علي ايدي المرتزقة الاوباش وهو يدافع عن أرضه وعرضه ومنهم من مات في الطريق وهو فار بجلده من بطش هؤلاء التتار ومنهم من مات في الصحراء وهو يبحث عن وطن آمن وطن ليس فيه خونة ولا عملاء
و لا استغلالين ولا أولئك الانتهازيون الذين يأخذون بمقولة ( مصائب قوم عند قوم فوائد ) ، في هذه النقطة مات ( سمبلا) كثير من ابناء وطني الذين زحفوا نحو المناطق الآمنة ، فعلاً آمنة فقد أمنها الجيش وبقية القوات النظامية ، لكنها كانت قاسية من حيث الجشع و الطمع من الانتهازيين ، كانت الأسعار غالية وكل يريد أن يذبح الآخر ، فمات الكثيرين عندما لم يستطيعوا أن يقاوموا تلك الامواج الهادرة من ( الإيجارات، العلاج ، الاكل، عدم اهتمام بعض المسؤلين وغيرها من الاهمالات التي ترفع السكري وتؤدى الي الذبحة الصدرية ، وواحدة من أنواع هذا الاستغلال حدث لي شخصياً حيث كنت مسافراً عبر البصات السفرية من مدينة كسلا الي مدينة دنقلا ( رحلة اضطرارية) ، ذهبت الي مكتب الحجوزات بالميناء البري وفعلاُ حجزت من كسلا مباشرة الي مدينة دنقلا حسب الاتفاق أن البص ( سفريات عرجون ) الذي اركبه سيذهب مباشرة الي مدينة دنقلا دون تغيير فيه وهنالك فندق للمبيت ليلاُ ، وفعلا ركبنا البص وصراحة كانت الخدمة ممتازة والبص مهيأ ووصلنا الي دنقلا صبيحة اليوم الثاني ، لكن واحدة من أنواع الاستغلال الفندق الذي تحدثوا عنه ، هو حوش مفصول الي قسمين ، قسم خاص بالرجال وقسم خاص بالنساء وكل قسم به ما يقارب المائة سرير أو أكثر يعني لو انقلبت تنقلب علي أخيك المجاور ، لقد نزله به ركاب ثلاث بصات في هذا ( الحوش) و للأسف مكتوبة لافتة باهتة ( موضوعة داخل هذا الحوش ) فندق البركل غرف وخدمات ( كذا وكذا ) انا لا ألوم هؤلاء الجشعين ولكن ألوم المحلية وإدارة الفندقة و السياحة أين أنتم من هذا العبث وهذه الفوضي هل همكم جباية الإيرادات من مثل هذه الحيشان فقط أم أن هنالك مواصفات، اقل الأخطار في هذا ( الحوش ) نقل عدوي الأمراض من هذا التكدس هذه واحدة من الاطماع والجشع و الموت ( سمبلا ) للمواطن السوداني .
النقطة الثانية من ( الموت سمبلا) عند العودة ، حجزت من مدينة دنقلا وقبل أن ادفع أو امتطي البص ( سفريات الارسنال ) اولا سألت المسؤل عن البص ، هل هذا البص مباشرة الي مدينة كسلا ؟ أجاب باننا سنغير البص ( الارسنال ) في مدينة عطبرة لكن سيكون بص ( ارسنال ) آخر ونفس المواصفات ، علي بركة الله ركبت بعد أن دفعت المبلغ كاملاً و المؤمن صديق ، للأسف عندما وصلنا مدينة عطبرة مساءً تغيرت لهجة أصحاب البص لان غريزة الطمع ظهرت عليهم ، سألت المندوب الي أين نحن ذاهبون ، أجاب بأنه سيحجز لنا في بص آخر .
كيف ذلك أخي !! أجاب باننا نحن الركاب نعرف عندهم بمصطلح ( القلبة ) يعني تقلب كما الرمل أو أي شئ يخطر علي بالك ، بمعني من بص الي آخر ذهبنا الي مكتب الحجوزات ونفأجا بأن البص ( سفريات ود الحاج ) ، سألت صاحب الحجوزات وهو جالس علي تربيزة ترثي لحالها ، هل بصكم هذا موديل جديد أجاب بنعم ، لكن أخي الكريم نحن حسب الاتفاق مفروض نركب في بص الارسنال ، أجاب بحدة، يا عمنا انت عاوز تصل كسلا أم عندك كلام آخر وعيب لي سفرياتنا ، هذا البص سيوصلك وهو بص بنفس المواصفات ، صمت قليلا و الذين معي صمتوا ، أخذنا التذاكر علي أمل القيام الخامس والنصف صباحاً حسب اتفاقهم، لكن تفأجنا أيضا عندما حضرنا باكرا أن البص من الموديلات القديمة جدا وتحرك البص عند الساعة السابعة و النصف ، وكثيراً من الملاحظات ، لمن نشتكي لا أحد ، المسؤلين يغطون في نوم عميق وكل ما فعلوه أخذوا منا تذكرة دخول للميناء بمبلغ ألف جنيه والميناء البري حاله يغني عن سؤاله ( أين تذهب هذه الالف جنيه ) ، نقول لهؤلاء واولئك وجميعهم قوله تعالي : (ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون. وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ) يعني الذين يأخذون حقَّهم من الناس كاملاً ، وإذا حصل العكس ينقِصوا أو يُخسِئون حق غيرهم !!!
الآية لا تنطبق على البائعين فقط بل إن معناها أشمل وأعم بكثير !!!
ركبنا علي مضض هذا البص الذي قدم لنا كوب ماء فقط طوال الرحلة التي استغرقت احدي عشر ساعة من عطبرة الي كسلا ، تذكرت عندها المبدع صديق أحمد ( هيا وسنكات طرق وعره ) ، فعلا وعورة الطريق وتهور السائق كانت ستؤدي بنا الي ( الموت سمبلا) ، فكم من مرة تمايل البص ولكن هنالك رجل اضطر لان يجلس بجانب السائق يحثه علي السير ببطء الي أن تجاوزنا ، المناطق الوعرة ، طبعا هذا الشارع اهمل لسنوات ، واصبح من الاطلال ، واصبح كلعبة ( السيجة )
عندما وصلنا مدخل مدينة كسلا ، أيضا تغيرت نبرة السائق الذي قال لنا بالحرف الواحد ودون خوف من أحد لن يدخل الي الميناء البري كسلا الذي يبعد أكثر من كيلو متر ، وحسب اتفاقنا من الميناء البري دنقلا الي الميناء البري كسلا ، نزلت لاجد احد النظاميين الذين يتواجدون بنقاط التفتيش و مسؤلين عن تحرك البصات السفرية واشتكي له مظلمتي ، لكن للأسف لا أحد يستجيب لك …. وبتاع البص ولا علي باله عندما طلبت منه التوقف رفض الوقوف حتي تجاوزنا نقطة العبور ، خفت أن يذهب بشنطتي ركضت خلفه وعدت بشنطتي ووجدت النظامي الذي ظننت انه سينصفنا لكنه تغافل …. لمن نشكو . . نموت سمبلا سااااااكت
وكما تقول احداهن بعض الحكم :
الدنيــــــا فـى الضيــــق توريـــك ميــــن بيبيـــعك، ومــــين بيشــــــتريك
مــــا بقــــاش فــى حــد صــالح كـــل النـاس بقــت بتاعـــــة مصـــالح
الكــــل بألــــف وش والقـــلوب مليــــانة غــــش
إللـــى يعاتـــب الرخيـص بيرخـص معـــاه
هنالك لا مبالاة من الجميع المواطنين و المسؤلين في هكذا مواضيع ولكن في الحالتين ضايع المواطن السوداني المسكين الذي يموت ( سمبلا) في الداخل والخارج .