أخبار محلية

عصام حسن علي يكتب: معركة الكرامة وإعادة السيطرة الإعلامية


: صراع من أجل الحقيقة والكرامة(١)

كانت سماء الخرطوم ملبدة بغيوم المعركة، وأصوات المدفعية تتردد في الأفق، بينما تدور اشتباكات عنيفة في الشوارع بين القوات النظامية ومليشيا آل دقلو الإرهابية. على الأرض، كان المشهد قاسياً: الموت يتربص بالمدنيين في كل زاوية، بينما تُغرق المليشيا البلاد في دوامة من الفوضى والعنف. وسط هذه الأجواء المشحونة، اختفى صوت الإعلام الوطني، ممثلاً في تلفزيون السودان، بعد أن وقع تحت سيطرة المليشيا، تاركاً الساحة الإعلامية خالية لتضليل الفضائيات الموالية لهم. كانت هذه الأزمة الإعلامية واحدة من أشد المعارك تأثيراً على الشعب السوداني، حيث أدى غياب صوت الحقيقة إلى انتشار التضليل والأكاذيب، مما زاد من تعقيد الأوضاع.

*غياب الإعلام الوطني: فراغ قاتل*

أدى احتلال تلفزيون السودان إلى حرمان الشعب من مصدر موثوق للمعلومات، وسط سيطرة القنوات الفضائية الموالية للمليشيا. استخدمت هذه القنوات وسائل الإعلام كسلاح حرب، ناشرة الأكاذيب والتضليل، وموجهة عمليات نفسية تهدف إلى تقويض معنويات الشعب السوداني وتشويه الحقائق حول معركة الكرامة. كانت هذه الأزمة الإعلامية واحدة من أشد المعارك تأثيراً على الشعب، حيث أن غياب صوت الحقيقة عن المشهد ترك الفرصة للتضليل أن يسود.

في معركة استمرت لأكثر من خمسين يوماً، لم يكن لتلفزيون السودان دور يُذكر في توعية المواطنين أو دعم القوات النظامية التي كانت تخوض معركة مصيرية لاستعادة كرامة الوطن بسبب مليشيا آل دقلو الإرهابية . بدلاً من ذلك، كانت القنوات الموالية للمليشيا تبث رسائل تحريضية، تهدف إلى إضعاف الروح المعنوية للشعب والقوات النظامية، وتصوير المليشيا على أنها القوة المنتصرة، بينما الواقع كان مختلفاً تماماً.

*بورتسودان: بداية جديدة للإعلام الوطني
*
بعد انقضاء أكثر من خمسين يوماً على بداية الحرب، ومع استمرار القتال في الخرطوم، جاء التوجيه بنقل البث التلفزيوني والإذاعي إلى مدينة بورتسودان، التي أصبحت ملاذاً آمناً للإعلام الوطني. كان هذا القرار خطوة حاسمة لإعادة تشغيل منظومة الإعلام الوطنية، وإيصال صوت الحقيقة للمواطنين، ودعم جهود القوات النظامية في معركتها لاستعادة السيادة.

*بداية جديدة للإعلام الوطني*

جهود كبيره بذلها عدد من الاعلاميين الحادبين علي مواجهة الدفق الاعلامي السالب في ظل انشغال القادة العسكريين والتنفيذين في ايجاد منفذ ومخرج لايصال صوت الاعلام الوطني عبر اجتهادات بتكوين قناة افتراضيه علي السوشيال ميديا من مجموعات محررين ومعدين وفنيين لتصميم رسالة اعلاميه في شكل قوالب اخباريه وبرامجيهحيث كان يتم اعداد المواد الاخباريه والبرامجية والفواصل في مجموعات عمل تقوم باعداد المواد فنيا وتحريريا ويتم وبثها فضائيا بالتسيق مع الاخوة في قناة الشمالية.
قبل الإنتقال إلى بورتسودان استطاعت هذه الجهود ان تخفف من وطأة التعتيم والتضليل في ظل غياب الاعلام الرسمي والوطني

في بورتسودان، بدأ التلفزيون القومي من جديد في القيام بدوره، مسلطاً الضوء على حقيقة المعركة وداعماً لصمود الشعب السوداني. تم استئناف البرامج الوطنية التي تهدف إلى تعزيز الروح المعنوية وتفنيد الأكاذيب التي تبثها القنوات الفضائية التابعة للمليشيا.

*الإعلام كسلاح في معركة الكرامة*

أثبتت هذه الأحداث أن الإعلام يمكن أن يكون سلاحاً حاسماً في أي معركة. فبينما استخدمت المليشيا القنوات الموالية لها لتشويه الحقائق وبث الفتن، تمكن الإعلام الوطني، بعد إعادة تشغيله، من تقديم رواية متزنة تعكس الواقع، وتدعم الشعب والقوات النظامية في معركة استعادة الكرامة.

*دروس من الأزمة*

أظهرت أزمة احتلال تلفزيون السودان أهمية تأمين البنية التحتية للإعلام الوطني في أوقات الأزمات، وضمان استمرارية البث كجزء من المعركة الكبرى للدفاع عن الوطن. كما أكدت على ضرورة تحديث المنظومة الإعلامية بما يتيح لها التصدي للحرب النفسية والدعاية المضللة.

رغم قتامة المشهد في بداية المعركة، إلا أن الإرادة الوطنية والتكاتف الشعبي نجحا في استعادة جزء من الدور الإعلامي الوطني. معركة الكرامة ليست فقط مواجهة بالسلاح، لكنها أيضاً معركة إعلامية ونفسية، تتطلب وجود صوت وطني صادق وقوي يقف إلى جانب الشعب ويدعم قضيته العادلة.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى