أخبار محلية
أخر الأخبار

حرب التمرد وحرب الدولار

حرب التمرد وحرب الدولار

 

الارتفاع المتسارع للدولار الأمريكي مقابل الجنيه السوداني خلال الأسبوعين الماضيين بصورة غير مسبوقة في تاريخ السودان يدل ان الصراع العسكري الحالي فتح جبهة جديدة وهي التدمير و التخريب الاقتصادي بعد ان تم تدمير البنية التحتية للاقتصاد القومي خلال الأربع شهور الماضية. ارتفاع الدولار بهذه الصورة يمثل اكبر مهدد للدولة السودانية في الوقت الراهن وفي المستقبل القريب بعد توقف الحرب لان ببساطة ارتفاع الدولار بصورته الحالية لا يعكس اسباب حقيقية ناتجة من طلب حقيقي بدوافع استيراد سلع استهلاكية او سلع راسمالية تخص البناء والأعمار بعد توقف الحرب.واضح ان جبهة التمرد وحاضنته السياسية ومن يقف معهم من رجال أعمال استطاعوا بسط سيطرتهم في فترة الشهور الماضية علي ارصدة ضخمة من العملات المحلية لدي البنوك التجارية في ولاية الخرطوم.

ولذلك مع تراجع احتياطات العملات الحرة لدي البنوك التجارية خلال شهور الحرب أصبح لدي التمرد وحاضنته السياسية كمية كبيرة من العملات المحلية مقابل قليل من العملات الحرة الموجودة لدي الجهات الرسمية بما فيها البنوك.

 

ولذلك النتيجة هي ارتفاع مستمر في ارتفاع الدولار مقابل الجنيه السوداني مادام البنك المركزي عاجز لمواجهة مشكلة ندرة العملات الحرة وخروج ارصدة العملات المحلية خارج سيطرته. من أخطر تحولات الحرب الحالية ان تدخل جبهة الاقتصاد في الصراع السياسي والعسكري الراهن لسببين:

السبب الأول، لان اي زيادة في الدولار مقابل الجنيه السوداني سوف تترجم لزيادة في كل اسعار السلع والخدمات خلال 12 يوم من تاريخ كل ارتفاع لسعر الدولار. مثلا اذا ارتفع الدولار اليوم من 800 جنيه للدولار الي 900 جنيه في الغد نتوقع ارتفاع في التضخم (ارتفاع في أسعار كل السلع والخدمات ) خلال اقل من اسبوعين بنسبة 12 في المئة، وهكذا سوف تستمر الزيادات في أسعار العملات الحرة مادام زمام المبادرة تحت سيطرت الجهات التي تحارب السودان في الوقت الراهن.

السبب الثاني في خطورة ارتفاع الدولار في الوقت الراهن هو بعد توقف الحرب سوف تبدأ مرحلة الاعداد لبناء مادمرته الحرب وهذه هي المرحلة التي نحتاج فيها لتوفير دولارات لاستيراد السلع الرأسمالية للبناء والتشييد ولكن عند هذه المرحلة سنجد سعر الدولار بلغ مستويات عالية وهذا يرفع تكلفة البناء والأعمار بالإعتماد علي مواردنا الذاتية بما فيها الصادرات والاحتياطات من النقد الأجنبي. لا اتوقع ان تغطي المساهمات الخارجية جزء كبير من فجوة الاحتياجات للبناء والتعمير. اذن خلاصة القول هناك ضرورة قصوي للتدخل السريع من البنك المركزي وبقيةالسلطات الاقتصادية في الدولة لإيقاف تدهور الجنيه السوداني مقابل الدولار وبقية العملات الحرة بكل السبل المتاحة.

المشكلة الكبيرة لا توجد حاليا حكومة تنفيذية يعتد بها لتقوم بمثل هذه المهام.

 

ابراهيم اونور

جامعة الخرطوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى