– وجه الحقيقية. / – إبراهيم شقلاوي. – خطاب حميدتي ، ومعركة جبل موية ، أنتهى الدرس يا غبى!!.
بالأمس في خطاب الإقرار بالهزيمة ، حرص قائد التمرد محمد حمدان دقلو إعادة تقديم نفسه للشعب السوداني في دور الضحية المغدور به كالعادة ، ظنا منه أن الناس مازالوا بتلك السذاجة التي كان يخاطبهم بها حين كانت الأيام يانعة والمستقبل أملا في انتقال ديمقراطي وحكم رشيد ، الرجل كان معتمدا على جاذبية مفردات البادية النضرة النافذة إلى قلوب الناس قبل عقولهم ، كما حاول الإعتذار عن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها قواته في حق الشعب السوداني بالإدعاء أن هذه الفئات التي اعتدت عليهم من الشفشافة والغنامة والمجرمين تم اخراجهم من السجون بواسطة من أشعل الحرب ذلك الحديث الأجوف الخواء ، الرجل حاول تغيير سردية الحرب نفسها ، المعلومة للجميع والتي قامت على إنقلاب فاشل هددت به ودعمته بعض أحزاب قوى الحرية والتغير حين تحدثت مريم الصادق المهدي عن أن من يعرقل إنفاذ الإطاري سيطورون خياراتهم البديلة تجاه ، وأن لكل حادث حديث تلك اللحظة كانت الفتنة إمرأة ، كما نسي أنه هو من هدد أهل الخرطوم بأن بيوتهم ستسكنها الكدايس ، الرجل بخطابه هذا تعامل مع الناس كأنهم بلا ذاكرة واعتمد كما اعتمد داعميه على فكرة أن الحرب أشعلها الإسلاميون ليعودوا للسلطة ، ونسي أن الإسلاميين تركوا السلطة دون مقاومة وكان في مقدرهم المقاومة ولكن كما قالوا لأجل أن لا تنزلق البلاد في الحرب وأنهم سيكونون معارضة مساندة ، ليس لأنهم يدعمون حمدوك أو لأنهم يحبوه ، بل لأنهم يحبون بلدهم ، لذلك هو الآن يقول أنه قضى على الجيش كما يدعي في أول اسبوعين من الحرب لولا استنفار شباب الإسلاميين الذي أخر حسم المعركة لصالح مشروعه الإثني الذي أدخل عليه سردية جديدة بحديثه عن الشوايقة ، جاء خطاب الرجل مهزوزا بائسا محتشدا بالشكوى ومرارة الهزيمة ، أيها الأحبة جميع الحروب فيها معارك فاصلة تغير مجري التاريخ وميزان الحرب ، من الواضح أن المعركة الفاصلة كانت جبل موية عند تخوم سنار الأبية ، سنار التي شكلت ملامح دولة القيم والتحرر من العبودية ، لكن للأسف الإعلام ينتظر مصفاة الجيلي وينتظر تحرير الخرطوم وتحرير دارفور ، المعركة ياسادة انتهت عند جبل موية ، الذي تنتظرونه بعد ذلك هي قوات محاصرة يضيق عليها ( شرك ام زيردو) ، الجيش يعلم ذلك وكل الدنيا ، وكذلك أجهزة المخابرات التي تراقب عن كثب مايجري في السودان والتي لملمت أوراقها ورفعت تقريرها بنهاية الحرب يوم ان عبر الجيش الجسور إلى قلب الخرطوم ويوم أن خرجت جموع الشعب السوداني طربة لم تسعها الأرض في كل مكان ، كان ذلك الخروج هو إثبات مهم لمحبة السودانيين لجيشهم و دعمهم له ، كان تفويضا شعبيا لمرحلة قادمة ، كما كان تكذيبا لكل الادعاءات التي تقول أن الإسلاميين يستثمرون في الحرب لإطالة أمدها بغية العودة للسلطة ، كانوا يكذبون ويصدقون أنفسهم ، لكنهم لم يكونوا ليقرأوا بين السطور ، التي فيها أن أمريكا خففت القيود على السودان لأجل اليوم التالي من الحرب من خلال قرار الرئيس الأمريكي رفع العقوبات على السودان مطلع الأسبوع الماضي ، كذلك نشاط السفراء الصيني والتركي والروسي ، ومقابلاتهم لقيادة الدولة وحديثم عن مشروعات بنية تحتية حتى وفد الشركة الأمريكية التي إلتقت أول أمس الفريق إبراهيم جابر كانت تقول أنها تبحث عن استثمار وأن الحرب قد انتهت وما تبقى جيوب ، والمبعوث الأمريكي (توم بيرييلو) الذي يغرد في منصة إكس مضطربا ، ينشر ثم يزيل ثم يعدل ثم ينشر ، حتى يجد مقاربة جديدة تمكنه من كسب ود السودانيين الذين انتصروا لدولتهم ، لذلك من المهم الوقوف عند الحديث الباكي للمتمرد حميدتي بأن الإطاري هو الذي أشعل الحرب وأنه حذر المجتمع الدولي ورباعية السفارات وثلاثية الاتحاد الافريقي و الحضور الذي إلتأم في بيت السفير السعودي والذي ضم الولايات المتحدة الأمريكية (مولي في) والفريق أول الكباشي والفريق إبراهيم جابر وياسر عرمان ، هنا الرجل كان صادقا ، لأنه أدرك أنه دفع إلى حرب لم يكن يتصور أن يصمد الجيش فيها ، كذلك هم ، مثل هذه السردية لا تستطيع إلا أن تقول فيها ما قاله الكاتب المسرحي (لينين الرملي) على لسان الممثل المصري محمود صبحي في المسرحية الشهيرة (إنتهي الدرس يا غبى!! ).، كذلك هناك إشارة لاتقل أهمية وهي مرتبطة بما كان يملكه الرجل من معلومات مضللة عن قدرات الجيش السوداني ، الرجل تفاجأ ، حاول أن يخفي ذلك في محاولة ابتزاز رخيصه للجارة الشقيقة مصر بإشارته لها أن طيرانها قصف قواته المتمردة في كرري وفي الفاشر وفي جبل موية، تلك الفرية التي نفتها مصر ببيان من خارجيتها ، ذلك بالتأكيد بمعزل عن مواقفها المشرفة مع الجيش والشعب السوداني التي لم ترتقي للمشاركة معه في عمليات حربية لكنها ساهمت سياسيا ودبلوماسيا وإنسانيا في المحافظة على تأكيد مشروعية الجيش السوداني وحفظ الدولة السودانية من الانهيار ، وإيواء الفارين من الحرب ، لذلك السودانيون لن ينسوها لمصر ، يظل وجه الحقيقة في التأكيد على أن خطاب حميدتي كان بمثابة العشاء الأخير حمل عتاب و اعتذار لداعميه وقالت كلماته أنه بذل جهدا لآخضاع جيش عمره مائة عام يعرف كيف يحارب وكيف يحافظ على كيان دولته ، ولم يفلح وأنه يتطلع لجولة جديدة ، يعلم أنها مستحيلة و لن تأتي حيث أثبت السودانيون بشبابهم وشيوخهم ونسائهم أنهم في الموعد صمودا وبسالة وإباء.
دمتم بخير وعافية.
الخميس 10 أكتوبر 2024 م. Shglawi55@gmail.com