mismawia@yahoo.com
تغيير العملة .. المستهلك الرقمي
إقتربت ساعة مهلة التعامل بالعملة القديمة وإنشق حاجز كبير ظل لسنوات طوال تشكل هاجسا للدولة في كيفية إعادة الكتلة النقدية للمصارف ، بعد عزوف المستهلك السوداني عن توريد مدخراته في البنوك نتيجة لفقدانه الثقة وللظروف التي جابهته خلال فترات مضت من عدم توفر للسيولة ، وقناعة المواطنين بأن البنك هو المستفيد الأول من أمواله ، فلا قروض ولا خدمات إلا لمن هم أصحاب الملايين ، حتى وإن كان هناك النذر اليسير فشروط إرجاعه تبلغ نسباً خيالية جداً ، تجعل مجرد التفكير في ذلك ضرب من المجازفة ، بل أكثر من ذلك ، قد تصل حد الضحك (لو عندي ارجع زي قدر النسبة دي كان شلت منكم قرض؟؟!) .
عموما تظل خطوة تغيير العملة خطوة في وقتها وهي عين العقل لحفظ الكتلة النقدية وإعادتها للنظام المصرفي مره أخرى ، فضلاً عن كونها ضربة قاضية للمليشيا المتمردة التي أستولت على أموال طائلة ، بجانب المزورين والمتلاعبين ، الذين تقطعت بهم الآن سبل الفعل ، وأعتقد أن التوجيهات التي أصدرها بنك السودان لجميع البنوك بتسهيل إجراءات فتح الحسابات والإجراءات المشددة في عدم صرف العملات الجديدة بكميات كبيرة تعد واحدة من سبل المحارباة وحفظ قيمة العملة السودانية، برغم شكاوي المستهلك من عدم إلتزام البنوك بهذه التوجيهات من حيث تسهيل الإجراءات ،( غير أننا نشكر لهم إجتهادهم في ظل ظروف الحرب ) ، وهنا لا بد من اليقظة والحذر من تجار الأزمات وهذه تحتاج لوقفة من قبل المواطن نفسه ، والجهات الأمنية لردع كل من يتلاعب ويتجار بالعملة الجديدة في حالة ربوية تستغل حاجة البعض .
ظللنا في حماية المستهلك نكرر الدعوة لتعميم تجربة الدفع الإلكتروني في كل مجالات البيع والشراء لما لها من ميز وجوانب إيجابية والعمل على تلافي المشاكل التقنية وإجراءات معالجة حالات الخطأ في التحويلات ، وتبسيط التطبيقات ، وسد الثغرات الفنية المتعلقة بالتأمين ، وأيضاً مزيد من الإجراءات الخاصة بالسرية والتشديد في الرقابة داخل البنوك والرقابة على الحسابات المصرفية.
كما يجب على الجهات المختصة بتنظيم عمليات البيع والشراء والتصاديق التجارية إلزام كل مقدمي الخدمات بفتح حسابات وقبول الدفع الإلكتروني مهما كانت القيمة النقدية .
أحسب أن الدولة قد وفقت تماماً في هذا الوقت الصعب التي تمر به بلادنا بتغيير العملة والتي كانت سببا في عودة الكتلة النقدية للمصارف وفتح الحسابات المصرفية للمواطنين فهي بداية للتحول الرقمي الواسع الذي يضمن ويحفظ حقوق الجميع.
ولابد أن أشير هنا لأهمية حقوق المستهلكين في المحافظة على أموالهم وكيفية استردادها بكافة أنواع الإجراءات التي أقرتها القوانين في حل النزاعات الإستهلاكية سواء أكان بالمفاوضة أو التوسط أوالتحكيم أو التقاضي وهي متعارف عليها دولياً ، مما يستوجب عودة جمعية حماية المستهلك ، لتقوم بهذا الدور الطوعي الكبير ، وتنشيط كل ما يمكن لإسناد خطوة الدولة في رقمنة المعاملات ، هي بداية لمرحلة مهمة في تاريخ المستهلك الرقمي وخطوة في طريق مواكبة العالمية تحتاج منا للدعم كل في مجاله موزودين ومقدمي خدمات ومستهلكين ، فالوطن ساحات للعطاء ، فجنوده الأوفياء يحققون نصره في ساحات القتال ، ومعارك بناءه قد بدأت الآن .