أنفاس الفجر
المشهد بعد محاولات الإجهاض
عوض البارئ محمد
خرجت ثورة ديسمبر المجيدة وثوارها الشرفاء من بين أحداث متلاحقة وهي اصلب عودا ، وحقيقة فإن الضربة التي لا تقتل تقوى ” فالدعم الذي حظي به الانتقال والتحول الديمقراطي في السودان لم يكن ليتمظهر بهذا الوضوح لولا المحاولات المتعددة والمرسومة لتطويق الفترة الانتقالية ومحاولات إجهاضها من أصحاب الأجندات الذين تلتقي مصالحهم على تقويض الفترة الانتقالية .
كل من له أفق سياسي كان يعلم يقينا أن الردة للوراء وإعادة عقارب الساعة للوراء أمر غير ممكن ، , ولكن أصحاب الأجندات نظروا من زاوية واحدة وقرأوا المشهد من الجانب الذى يردونه وحسب أمانيهم ، ولم يقراوه من زاوية ان ” السياسة فن الممكن ” لقد راهنوا على ضيق العيش والضغوط الاقتصادية في وقت بدأت ملامح الانفراج تظهر وعلموا أن الوقت ليس في صالحهم ، فرجل الشارع العادي والسواد الأعظم من الشعب السوداني يرى نجاح الحكومة فى عيشة ويقيًم نجاحها او فشلها في “قفة الملاح ” ورخاء المعيشة وكفالة الخدمات الأساسية على الأقل ، أما مسألة الحرية والديمقراطية ونظرة العالم والمجتمع الدولي للبلاد فهو آمر تهتم به النخب والصفوة والساسة . كما أن قراءة مؤشرات الاقتصاد وتراجع التضخم واستقرار سعر الصرف والميزان التجاري ومعدلات النمو مصطلحات تخص الاقتصاديين وليس العوام ، لذلك ظنوا – وبعض الظن إثم – أن البلاد مع تحركات الشرق وتصريحات العسكريين النارية وانتقادهم للحكومة التي هم جزء منها وحالة التفلتات الأمنية المصنوعة أن الشارع سيحرك وتثور ثائريه ، كما اعتقدوا أن سحب التأمين والحراسة من مقر لجنة التمكين والمواقع التي اتخذت اللجنة قرارات بشأنها ستدفع الجماهير للتهجم على هذه المواقع لإرسال رسالة مفادها أن الشعب ناغم على هذه اللجنة لا سيما وان هنالك بعض الذين أنهت اللجنة خدماتهم بعدد من المؤسسات ، وجهلوا أو تجاهلوا أن اغلب المؤسسات المحروسة عقب القرارات قد فر ( أصحاب الشأن ) فيها ” المجاهدين ” الذين إستولوا عليها إلى الخارج ، بل أن لجنة إزالة التمكين لم تصبها ” محاولة الضربة ” بل قوتها ورب ضارة نافعة وكانت ” ملتقى الثوار ” ونقطة تجمعهم ومنصة مخاطباتهم وخطاباتهم الداعمة للثورة والانتقال الديمقراطي والرافضة للردة والارتداد على خيارات الشعب السوداني .
وفوق هذا وذاك فإن محاولات الانقضاض المتعددة على الفترة الانتقالية كانت ذات نتائج عكسية حيث أكد المجتمع الدولي والبنك الدولي ” بصورة عملية وليس لفظية ” , والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والعالم بأجمعه دعم التحول الديمقراطي في السودان ، بل ان رئيس البنك الدولي خاطب العالم من السودان في حدث لم يشهد السودان مثله منذ اربعين عاما ، وضخ للسودان ملياري دولار لتنفيذ (17) مشروعا استراتيجيا سيكون حتما لها تأثيرها على الخدمات والنمو أللاقتصادي وخفض معدلات التضخم وفك الضائقة الاقتصادية ، وتراجعت لغة البرهان وكرر في (30) ديسمبر 2021م نفس المشهد المشهد الذي كان في (30) يونيو 2019م عقب فض الاعتصام وأكد دعمه للتحول الديمقراطي حتى نهاية الفترة الانتقالية وحتما سيتبعه حميدتي الذي كرر نفس حديث البرهان وجاءت تصريحاته عقب تصريحات البرهان ، وأمر طبيعي أن يتبع حميدتي البرهان فموقعهما من النظام البائد واحد ومصيرهما واحد .. ، ويا أيها الناقمون في الميديا وحكامات الجداد الالكتروني أهدوا وهونوا على أنفسكم ..
فسوف تصفو الليالي بعد كدرتها .
وكل دور إذا ما تم ينقلب .